النّائب اليميني في البرلمان الهولندي غيرت فيلدرز منتج فيلم «فتنة» الذي أثار إبّان ظهوره (سنة 2008) استياء وغضب عديد الدّوائر الإسلامية في العالم نظرا لما اشتمل عليه من إساءات وافتراءات وتطاول على الدّين الإسلامي الحنيف... هذا السّياسي المتطرّف والحاقد وبعد أن قدّم في فيلمه «فتنة» - ومدّته 17 دقيقة - صُورا ومشاهد تعكس ممارسات معزولة وشاذّة ومختلف حولها فقهيّا وشرعيّا متجاهلا وأنّ عديد المجتمعات الإسلاميّة - بل غالبيّتها - هي اليوم مجتمعات إسلامية مدنية خالية تماما من مثل هذه الممارسات والمظاهر... ولكنْ، ولأنّه رجل يصُدر في مواقفه وادّعاءاته عن فكر عُنصريّ وانعزاليّ - بالمفهوم الثقافيّ والحضاريّ للكلمة - فإنّه عاد هذه الأيّام ليُعْلن عزْمهُ على انتاج فيلم ثان جديد مُعَادٍ للقرآن الكريم - هذه المرّة -! ففي تصريح له لمجلّة «فوكوس» الهولندية قال فيلدرز أن فيلمه الجديد هذا سيكون أكثر إثارة من فيلمه السّباق «فتنة»... مضيفا أنّه لا يزال على قناعاته الجازمة بأنّ الإسلام يُعَدُّ «إيديولوجيّة فاشية أكثر من كونه دينا...» وأنه «كلما انتشر الإسلام قلّت الحريّة...»! طبعا، الذي يَعْنينا من كلام هذا السياسيّ والعنصري ليس جوهر مضمونه القديم - الجديد... لأنّ مثل هذا الكلام الغبيّ حول الإسلام وشريعته السّمحاء وقيمه الإنسانيّة الرّاقية قيل بصيغ ومعان مختلفة منذ ظهور الرّسالة المحمديّة... وقد ظلّ وسيظلّ يُردّده - تاريخيّا - بين الفترة والأخرى رهط من الحاقدين - في مواقع مختلفة - لذلك - نحن لا نجد ضرورة حتّى لمجرّد الردّ عليه - وإنّما الذي يعنينا - هُنا - هُوَ أن نتساءل تحديدا لماذا يلجأ سياسيّ حاقد مثل النّائب الهولندي غيرت فيلدرز إلى القنوات الثقافيّة لبثّ بذاءاته وافتراءاته في حقّ دين وحضارة تعدّ بشهادة التاريخ واحدة من أرقى الحضارات التي أشعّت على الكون... لماذا يعتمد هذا العُنصري الحاقد على السينما وعلى الأشرطة المصوّرة تحديدا لبثّ سمومه ومواقفه وبذاءاته «الثقافيّة» في حقّ الإسلام؟! ما من شك في أنّ الجواب الأسرع عن مثل هذا السؤال يتمثّل في القول بأن ذلك يعود إلى مسألة أن العصر هو عصر الصورة - بامتياز - وعصر وسائل الإعلام والاتّصال... فهي الأداة الأنجع والأسرع في عملية التأثير و«الإقناع» حتى بما هو كذب وافتراء... ولكنّ الجواب الأعمق - ربّما - عن ذات السّؤال يتمثّل في القول بأنّ أعداء هذا الدّين الحنيف والعظيم - قديما وحديثا - ولما تفطّنوا إلى استحالة إتيان هذا الدّين من داخل مقولات تعاليمه السمحة والنيّرة نظرا لما تتّسم به من معاني التكريم للإنسان في المطلق - لجأوا إلى أساليب الدعاية والفرجة والفلكلوريّة والإثارة علّهم يحقّقون بذلك شيئا من أهدافهم!!