تونس - الصباح: هل أن مجلة الطرقات وضعت خصيصا لتنظيم وضبط سير السيارات والعربات الثقيلة والدراجات النارية والعادية فقط ام ان هذه المجلة فرضت على المترجل كذلك واجبات ونظمت حركة سيره واستعماله للطريق العام،وفرضت عليه ضوابط يعاقب في صورة مخالفتها مثله مثل أي مستعمل للطريق؟ الأكيد ان هذه المجلة تتجه للمترجل مثلما تتجه للسائق رغم أن ديباجة وتمهيد جل نسخها تجاهلت المترجل وأفردت "السائق" بالخطاب مثل عبارات "حتى يكون السائق مدركا لحقوقه وواجباته حين يستعمل الطريق العام بالوسيلة مهما كان صنفها" أو"أنتم سواق المستقبل"...كما بوبت المجلة فصولها الى قواعد مرور خاصة بالسائق والتركيبة الفنية للسيارة والاسعافات المستوجبة عند وقوع حادث.وهو ما يعني عدم ايلاء واضعي هذه المجلة العناية اللازمة بالمترّجل الذي يمثل اليوم أحد الاسباب الرئيسية لكوارث المرور ولفواجع الطريق التي عصفت بعديد الارواح وتسببت في كوارث كبيرة. فالمترجل لا يعي ولا يعرف أنه يخضع لمجلة الطرقات ولقواعدها الزجرية والتي تفرض عليه ضوابط في الطريق من واجبه احترامها والعمل بها والا فانه يتعرض للزجر ولعقوبات واضحة ومضبوطة مثلما تطبق العقوبات على السائق. مسؤولية المترجل وحسب الأرقام والاحصائيات، فإنّ المترجل يتحمّل جزء كبيرا سواء في الفوضى المرورية او في تزايد نسب حوادث المرور وما ينجر عنها من اصابات وقتلى وخسائر مادية. وذلك بسبب لا مبالاته على الطريق واعتبار نفسه خارجا عن دائرة القانون الى جانب عدم تورعّه عن اتيان ما يتسبب له ولغيره من كوارث على الطريق. والمتمعّن في سلوك المترجل في الطريق،يلاحظ أن هذا الأخير لا يعترف بإشارات المرور المخصصة له، ولا يهتّم بالاشارات الضوئية ولا يتورع على قطع الطريق أمام السيارات في أي وقت واي مكان ولا يعترف بأولوية المرور... كما أن المترجل لا يعترف بالسير في الاماكن المخصصّة له كالأرصفة وحواشي الطريق الترابية والفضاءات المهيأة والمعابر المخصصة له سواء منها الارضية والمحددة بخطوط بيضاء فوق الطريق أوالجسورالعلوية التي تكون عادة فوق الطرقات السريعة. وقد نصت مجلة الطرقات صراحة على واجبات المترجل في الطريق من خلال ما جاء في الفصل 54 منها الذي اكّد على"أن يسير المترجلون في الاماكن المخصصة لهم كالارصفة والحواشي الترابية والفضاءات المهيأة للغرض. وفي صورة عدم وجود مثل تلك الاماكن او في حالة تعذر استعمالها يجب على المترجلين ان لا يسيروا على المعبد الا بعد التأكد من امكانية القيام بذلك بدون خطر وفي هذه الحالة يجب عليهم السير على حافة المعبد وفي الاتجاه المعاكس لحركة الجولان". تجاهل لإلزامية القانون ورغم وضوح القانون ووجوب تطبيقه فإنّ المترجل لا يعترف بالممرات الخاصة به رغم ان القانون يجبره على ذلك اذا كانت هذه الممرات لا تبتعد عنه بمسافة 50 مترا وهو ما نص عليه الفصل 55 من مجلة الطرقات بقوله "يجب على المترجلين أن لا يعبروا المعبد الا بعد ان يتثبتوا من قدرتهم على القيام بذلك بدون اي خطر مع اعتبار ظروف الرؤية والمسافة التي تفصلهم عن العربات وسرعتها وعليهم ان سيتعملوا الممرات المخصصة لهم ان وجدت على الاقل من خمسين مترا منهم...". كما نصّت الفقرة الثالثة من الفصل 55 أنه واذا كانت حركة الجولان منظّمة من قبل عون مكلف بذلك أو بإشارات ضوئية يجب على المترجلّين ألّا يعبروا المعبّد الا بعد صدور الإشارة التي تسمح لهم بذلك. وجميع هذه التنصيصات القانونية تحمل صلبها طابعا إلزاميا وزجريا موجبا للعقاب . فمثلما يعاقب سائق السيارة والعربة عند مخالفته للقانون فان المترجل بدوره عرضة للعقاب في صورة عدم احترامه للاحكام الخاصة بسيره وجولانه. خطايا مالية ومن بين العقوبات المنصوص عليها صلب المجلة فرض عدة خطايا مالية متعلقة بمخالفات المترجلين نصت عليها مجلة الطرقات في الفصول 54 و55 و56. من ذلك ان الفصل 54 في فقرتيه الاولى والثانية نص على فرض خطية مقدارها 3 دنانير على المترجل في صورة سيره في غير الاماكن المخصصة للمترجلين او يتوغل في المعبد في صورة عدم وجود تلك الاماكن او استحالة استعمالها دون ان يتاكد من عدم وجود خطر. ونص الفصل 55 فقرة اولى على فرض خطية ب3 دنانير على كل مترجل يعبر المعبد دون استعمال الممرات المخصصة للمترجلين متى وجدت على اقل من خمسين مترا منه. ونفس مقدار الخطية يفرض على مترجل ألا يتجول على معبد ساحة او تقاطع طرقات في صورة عدم وجود ممر للمترجلين يسمح له بالعبور المباشر دون ان يحيط بهذه الساحة او هذا التقاطع للطرقات مع عبور ما يلزم من المعبدات. وتصل الخطية الى 5 دنانير اذا عبر المترجل المعبد المنظمة فيه حركة الجولان من طرف عون امن او بواسطة اشارات ضوئية دون انتظار الاشارة التي تسمح له بالعبور. وتتضاعف هذه الخطية لتبلغ ال10 دنانير حسبما ينص عليه الفصل 56 في فقرته الثالثة اذا سارت مجموعة من المترجلين على المعبد بشكل منظم دون الاشارة الى ذلك باشارة ضوئية سواء كان ذلك ليلا أوعندما تقتضي ظروف الرؤية ذلك نهارا. ورغم وضوح القوانين التي تبقى ملزمة فإنّ ما نلاحظه هو الغياب الكلّي لتطبيقها لتصبح هذه القوانين "مهجورة" بل أن المواطن نفسه بات متعودا على عدم احترامه للقوانين المنظمة لسيره وللإشارات الضوئية والمرورية الخاصة بجولانه وعبوره للمعّبد. والمشكل يبقى في الناحية التطبيقية للفصول القانونية وللقواعد الضابطة لسير المترجلين.فمن الصعب تطبيقيا تخطئة المترجل في الطريق، ومن الصعب كذلك تطبيق طريقة الخلاص من قبل عون الأمن، ومن الصعب اقناع المترجل بخطئه وتحميله مسؤولية هذا الخطإ واقناعه بتحمل تبعات ذلك. ويبقى الشيء المهم في كل ذلك هو مزيد من توعية المترجّل وتثقيفه بحقوقه وواجباته على الطريق وتحسيسه بأهمية السلوك الحضري المتمدنّ وبخطورة تجاوزاته على الطريق.