كثيرون يعرفون أن عددا من البلدان العربية كانت في القرن 19 مهيأة لثورة صناعية واقتصادية وعلمية شاملة.. وأنها كانت أكثر تقدما من بلدان تصنف اليوم من بين العمالقة الكبار مثل اليابان واسبانيا.. ويذكر الجميع أن عددا من أنجح دول العالم اقتصاديا اليوم مثل كوريا الجنوبية وجاراتها في شرق آسيا وجل دول أوروبا الوسطى والشرقية والشمالية كانت بعد الحرب العالمية الثانية أكثر تخلفا من أهم الدول العربية.. لماذا تقدموا وبقينا في آخر "الطابور"؟ هل لا يزال بعضنا فعلا "محنطا" لم يقتنع بعد بأن الكرة الأرضية تدور؟ لماذا أصبحوا ينافسون عمالقة الثورة الصناعية الأولى مثل فرنسا وبريطانيا.. وبقيت أغلب دولنا أسيرة حلقة مفرغة من الشعارات.. والتغني بالإصلاحات والانجازات.. بينما واقعها فسيفساء درامية من الأزمات.. وتراكم النكسات والهزات ؟؟ الإجابات قد تتنوع والحديث "الزائد" قد يطول.. بفضل رصيدنا الخطابي "المعسول".. ومراهنة بعضنا على خيار الضحك على الذقون واستبلاه العقول.. لكن حسب ما كشفته بعض الدراسات.. فلا بد من الاعتراف بما في نظامها التعليمي من ثغرات.. ففي كوريا الجنوبية بخلاف تونس ومصر مثلا يوجه إلى "الشعب التقنية والمهنية والحرفية" خيرة التلاميذ والتلميذات.. ليتخرج من الجامعات.. جيل من المبدعين والمبدعات.. في مختلف الحرف والمهن والصناعات.. في المقابل يوجه متوسطو الذكاء والمستوى إلى بقية الاختصاصات.. أما نحن فنوجه النخبة إلى شعب " الحفاظة" التي لا تتطلب ذكاء خارقا ولا تفكيرا.. فيصبح تخرج كفاءات مقتدرة حرفيا ومهنيا من معاهدنا وجامعاتنا أمرا عسيرا.. فهل يمكن أن يقتنع القائمون على التعليم والتلاميذ والطلبة والأولياء بمنطق جديد ناجع ومعقول.. للتوجيه يعطي الاولية ل"الصنعة" والتكوين المهني فتصبح تونس يوما مثل "سيول"؟