90% من المسائل الترتيبية حسمت.. ونحو 30 شركة ومؤسسة عمومية وقعت على اتفاقيات.. تونس الصباح: على الرغم من ان اعوان وموظفي القطاع الخاص والوظيفة العمومية قد حصلوا على القسط الثاني من الزيادات في الاجور المتعلقة بالسنوات الفاصلة بين 2008 و2010، فان المفاوضات الاجتماعية في المؤسسات العمومية والدواوين والشركات، ما تزال مستمرة الى الآن، وسط مخاوف من استمرار تعثرها لفترة اطول.. وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الصباح»، فان الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها الى حد الآن، لا تتجاوز 20% من مجموعة الاتفاقيات المطروحة على طاولة التفاوض بين الجانب النقابي ودوائر المؤسسات العمومية والشركات والدواوين. وافادت تقارير نقابية، ان من مجموع 174 مؤسسة عمومية، تمثل النسيج الجملي للشركات والدواوين ومؤسسات القطاع العام، لم تسجل اتفاقيات في الزيادة في الاجور، الا في نحو 30 مؤسسة او اقل من ذلك، بينها الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وشركة تونس الجوية وبعض شركات الاسمنت بالاضافة الى الشركات البترولية ما يعني ان مساحة التعثر في المفاوضات، ما تزال واسعة.. اجماع على التعثر.. وكان المكتب التنفيذي الموسع لاتحاد الشغل الذي التأم في الآونة الاخيرة، عبر عن انشغاله «للبطء الكبير» الذي تتصف به المفاوضات الاجتماعية في المؤسسات العمومية والدواوين والشركات، ودعا الى «تسريع نسقها بما يسمح بانهائها في القريب العاجل» وفق ما جاء في البيان الصادر عن المكتب.. من جهته رفض مجلس القطاعات الذي اجتمع قبل اكثر من اسبوع، ما وصفه ب«تسقيف الزيادات في الاجور في المؤسسات العمومية»، مشددا على ضرورة الالتزام بما جاء في بروتوكول الاتفاق الممضى بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل في افريل من العام المنقضي، خصوصا فيما يتعلق بمراعاة خصوصية كل مؤسسة عند التفاوض في الجانب المالي. وكنتيجة لهذا التعثر في المفاوضات، سجلت الاسابيع القليلة الماضية حركات احتجاجية متعددة، جسدتها اضرابات البريديين واعوان اتصالات تونس وموظفي صناديق الضمان الاجتماعي وال«كنام»، فيما قرر اعوان ديوان التطهير الدخول في اضراب يوم السادس عشر من الشهر الجاري، واصدرت الشركة التونسية للاستغلال وتوزيع المياه «صوناد» برقية اضراب عن العمل، حدد ليوم 17 جوان الحالي. وتفيد معلومات موثوقة، ان شركات ومؤسسات اخرى بصدد تدارس خيار الاضراب سيما منها ديوان الحبوب وشركات البذور الممتازة التي تعد بين المؤسسات والشركات الضخمة في القطاع العام.. «عقدة» المفاوضات ويبدو من خلال بعض المصادر النقابية العليمة، ان العقدة الاساسية للتعثر في هذه المفاوضات الاجتماعية، تكمن في التباينات بين الجانبين النقابي والاداري بخصوص حجم الزيادة المالية.. ففي حين يطالب النقابيون بنسبة زيادة ب1.3% اضافية عن الزيادة المقررة في الجولة الماضية (2006 2008) باعتبارها تستجيب لتطورات الوضع الاجتماعي من حيث القدرة الشرائية وارتفاع نسق الزيادات في الاسعار، ترى الاطراف الادارية، ان هذه النسبة لا يمكن تحملها من قبل المؤسسات العمومية.. الى هنا، قال السيد المولدي الجندوبي، الامين العام المساعد لاتحاد الشغل المكلف بالقطاع العام، ان المنظمة النقابية لم تضع سقفا ادنى للتفاوض، بالنظر الى المرجعية التي ضبطت في البلاغ المشترك بين المركزية النقابية والوزارة الاولى منذ العام المنقضي (افريل 2008)، وهي الوثيقة التي نصت على ان السقف يرتبط «بخصوصية كل مؤسسة عمومية وطاقتها». واوضح الجندوبي في تصريح خص به «الصباح»، ان هذه المرجعية سمحت بتوفير هامش من التفاوض بالنسبة للنقابيين والدوائر المسؤولة على القطاع العام، ما جعل الزيادات في بعض المؤسسات تفوق نسبة 1.3 بالمائة، بل ان حجم الزيادة الاضافية في مؤسسة وكالة تونس افريقيا للانباء، بلغت على سبيل المثال نحو 1.57 بالمائة.. واكد الامين العام المساعد المكلف بالقطاع العام، ان الخلاف يتمحور حول الجوانب المالية، بعد ان حسمت القضايا الترتيبية (القانونية) بنسبة 90% تقريبا. تفاؤل.. واكد المسؤول النقابي، انه مهما كانت مساحة التعثر في هذه المفاوضات، فان الجانبين «لابد ان يتوصلوا الى حلول وفقا لخصوصية كل مؤسسة وطاقتها المالية وظروفها».. واعرب عن تفاؤله بقدرة النقابيين على تحقيق اهدافهم، «بعيدا عن اي شطط، وفي سياق الهدف العام الذي دخلنا به هذه المفاوضات، وهو دعم القطاع العام» على حد قوله.. ولفت الجندوبي، الذي يلقب «بمهندس المفاوضات» في القطاع العام والشركات والدواوين، الى ان ما يزيد عن 30 بالمائة من المؤسسات العمومية، وقّعت اتفاقيات زيادة في اجور اعوانها وموظفيها، وهو «مؤشر ايجابي»، حسب وصفه، من شأنه استكمال بقية حلقات التفاوض في القطاعات والمؤسسات المتبقية، مبرزا في ذات السياق، ان «مسار المفاوضات متوسط في عمومه»، لكنه مرشح لوتيرة من المنتظر ان تنتهي الى حلول ممكنة لجميع الاطراف، نافيا في هذا السياق ان تكون المفاوضات الاجتماعية الجارية حاليا، قد اصيبت بشلل تام.. حول «الحق النقابي».. الجدير بالذكر، ان المفاوضات في القطاع العام والشركات والدواوين، شهدت لاول مرة «تقنيين الحق النقابي» في الوظيفة العمومية، بعد ان كانت مجلة الشغل والمسائل العرفية هي المحددة لهذا الحق.. وتبقى نقابتا التعليم الاساسي والثانوي، الطرف المعترض على صيغة التقنيين هذه على اعتبار انها تضمنت شرطا اساسيا يقضي باعلام الادارة موافقتها على الاجتماعات النقابية الامر الذي اعتبره رجال التعليم «امرا غير مسبوق» و«ليس افضل حال» من القوانين الحالية..