"سيظل الحوار القاعدة والإضراب هو الاستثناء" هكذا لخص السيد المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد بالاتحاد الشغل المكلف بالدواوين والمنشآت العمومية موقفه من تعثر المفاوضات الاجتماعية في جولتها السابعة في قطاع المؤسسات العمومية التي لم يتجاوز فيها الاتفاق في الزيادة في الأجور ال20 بالمائة. وتحدث في لقاء مع "الصباح" عن أسباب تعثر المفاوضات في جولتها الحالية. تونس-الصباح تعيش حاليا بعض المؤسسات العمومية على وقع سلسلة من الإضرابات بسبب تعطل المفاوضات الاجتماعية في جولتها السابعة. إذ لم يتجاوز عدد المؤسسات المعنية التي تم فيها تحقيق اتفاقات في الزيادة في الأجور إلى حد كتابة هذه الأسطر ال35 مؤسسة، من جملة 171 مؤسسة ومنشأة عمومية. عن أسباب تعثر المفاوضات، وتقييمه لمسار المفاوضات الاجتماعية في جولتها السابعة في قطاع المؤسسات العمومية مقارنة مع المفاوضات الاجتماعية السابقة، كان لنا لقاء مع السيد المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد المكلف بالدواوين والمنشآت العمومية. ذكر محدثنا أن المفاوضات الاجتماعية في جولتها السابعة تتميز بعدة خصوصيات، ساهمت في تعثر المفاوضات خاصة في قطاع المؤسسات العمومية وكانت من أسباب تواتر الإضرابات، ومن أبرزها إقرار الجميع بتدهور المقدرة الشرائية للأجراء وهو ما تم تأكيده في طيات البلاغ المشترك الموقع بين الاتحاد والحكومة بتاريخ 8 أفريل 2008، وذلك بالتنصيص على ضرورة تحسين القدرة الشرائية للأجراء. من الخصائص الأخرى التي ميزت المفاوضات الحالية ما طرأ من مسائل منذ السنة الفارطة ذات علاقة بالمنظومة الجديدة للتأمين على المرض وتداعياتها على بعض الحقوق المكتسبة خاصة للمنخرطين في التعاونيات ومجامع التأمين من الأجراء في القطاع العام، فضلا عن الترفيع في مساهمات الأجراء في صندوق التأمين على المرض، وأيضا في نسبة المساهمات في صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية. علاوة على تداعيات الأزمة المالية العالمية على عدة قطاعات اقتصادية. وأوضح السيد المولدي الجندوبي أن تلك الخصائص أثرت على سير المفاوضات الاجتماعية في دورتها الحالية، في بعض القطاعات وخاصة على المؤسسات العمومية، كما ان ما تم تحقيقه من نتائج في ما يهم مفاوضات الوظيفة العمومية التي قدرت بنسبة زيادة بلغت 4,7 بالمائة (وصلت في بعض القطاعات 5,2 بالمائة) جعلت نقابات المؤسسات العمومية تقتدي بتلك النسبة في مفاوضاتها. لكنه أبرز أن تعطل المفاوضات في معظم المؤسسات العمومية تعلق بجانبها المالي، في حين أن الجانب الترتيبي تم التقدم فيه في جل القطاعات تقريبا بنسبة قاربت 95 بالمائة. وفي ما يتعلق بالإضرابات خصوصا تلك الصادرة منذ مطلع مارس الماضي سواء تلك التي تم تنفيذها أو تأجيلها فقد فاقت ال21 إضرابا، وقال " الإضراب هو أبغض الحلال في العمل النقابي" ويتم اللجوء إليه عند استحالة الحوار أو تعطله أو عند غياب نتائج ايجابية، مشددا على أن الإضراب هو في كل الأحوال وسيلة لتحقيق أهداف وليس غاية، على اعتبار أن الجانب النقابي دائما يعتبر أن "الحوار هو القاعدة والإضراب هو الاستثناء." وبين الأمين العام المساعد أنه خلال إصدار برقيات الإضراب تم التوصل إلى تحقيق نتائج ايجابية على غرار ما حصل في الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي تم فيها برمجة إضراب يوم 5 ماي قبل أن يتم إلغاؤه، أو في ديوان الإرسال الإذاعي والتلفزي الذي تم فيه برمجة إضراب خلال أفريل الماضي وتم تأجيله وهو ما أفضى إلى توقيع اتفاق نهائي يوم أمس. او كما حصل في ديوان البريد الذي نفذت فيه النقابة الأساسية إضرابا ليوم واحد، ثم تم إصدار برقية إضراب ليومين وقبل تنفيذه تم إبرام اتفاق نهائي للزيادة في الأجور... وأفاد السيد المولدي الجندوبي أن لجوء بعض المؤسسات إلى تسقيف الزيادات في الأجور مخالف للبلاغ المشترك الممضى مع الحكومة والذي نص على الدخول في المفاوضات الاجتماعية بالقطاع العام بجانبيها الترتيبي والمالي مع مراعاة خصوصيات كل منشأة دعما للقطاع العام. وذكر في ذات السياق أن الزيادات الموقعة في بعض المؤسسات تتراوح بين 29 و57 بالمائة. وقال إن اللقاء الذي جمع الأمين العام للاتحاد والوزير الأول خلال شهر أفريل تحدثا فيه عن ايجاد مقاربة لدفع المفاوضات دون أن يتم تحديد سقف معين للزيادات المالية. وقال "نحن نأمل في المفاوضات ايجاد حلول مرضية، لكن ليس على حساب العملة والأجراء." مشيرا إلى أن ما يميز المفاوضات بالمؤسسات العمومية هو تولي النقابات الأساسية تحت إشراف الجامعة المعنية حسب كل قطاع التفاوض مباشرة مع الجانب الإداري وهو ما يفسر بطء التمشي في تحقيق اتفاقيات نهائية. وعن توقعاته بموعد انتهاء المفاوضات الاجتماعية بالمؤسسات العمومية، بين أنه يصعب الإجابة عن هذا السؤال على اعتبار أن التجربة أثبتت أن بعض المؤسسات قد يطول فيها التفاوض لسنوات، على غرار ما حصل مثلا في مركز الاتصالات والبحوث خلال الجولة السابقة من المفاوضات التي شهدت بطءا شديدا في المفاوضات وصل إلى 3 سنوات كاملة. غير أنه عبر عن أمله في أن "تنتهي المفاوضات في قطاع المؤسسات العمومية في أفضل الظروف وأقرب الآجال بما يستجيب وطموحات الأجراء".