«...عمليات التحيّل على السّائح تشارك فيها أطراف عديدة...» تونس - الصّباح: تفاعلا مع المقال الصادر ب«الصّباح» يوم 3 جوان الجاري تحت عنوان «أدلاء سياحيون: تحوّلوا إلى بزناسة بدل الترويج للسياحة الثقافية» ورد علينا الرد التالي من الجامعة التونسية لأدلاء السياحة: «ليس جديدا القول بأن القطاع السياحي يعاني الكثير من السلبيات وأن المشاكل قد تراكمت بحيث أصبحت تستدعي حلولا عاجلة جذرية، وان السائح عرضة للتحيل في أغلب الأحيان وأن عمليات التحيل تشارك فيها أطراف عديدة، كل ذلك أصبح معروفا، إنما ليس من العدل تحميل المرشد السياحي المسؤولية دون الأطراف الأخرى والحال أن سلطة الاشراف تعرف من هم المسؤولون الحقيقيون عن تلك الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية. وقد سبق لجامعتنا أن لفتت نظر سلطة الاشراف وكل المتدخلين الى الوضع المتردي الذي يباشر فيه المرشد السياحي مهامه، وذلك في الندوة المنعقدة يومي 15 و16 ماي 1997، حيث تقدمت جامعتنا بورقة عمل حول أخلاقيات المهنة طرحت فيها المشاكل التي تعوق المرشد عن أداء مهامه، كما صاغت توصيات واضحة ودقيقة صادقت عليها الندوة، ومنها التوصية الثانية التي تنص على ابعاد الدليل السياحي عن الصفقات التجارية بحيث يكون في مأمن من الاغراءات وذلك باعتماد برامج ورحلات تعتمد مقاييس سياحية وثقافية مع تحسيس التجار بضرورة الامتناع عن المضاربات العشوائية في الأسعار وحصر ظاهرة دفع العمولات في أضيق نطاق ممكن، كما طالبت التوصية الأولى بتحسيس واقناع وكلاء الأسفار بضرورة إشاعة الوضوح في مؤسساتهم وردع العناصر التي تتورط في ممارسات مخلة بالأخلاق من الواضح إذن أن جامعتنا كانت سباقة إلى المطالبة ب«تحديد مسالك سياحية أخرى» حسب ما جاء في مقالة «الصباح». كما طالبت جامعتنا باصدار قانون جديد ينظم مهنة الارشاد السياحي لأن الأوامر الرئاسية لسنتي 1973 و1974 قد تقادمت ولم تعد متماشية مع تطور القطاع السياحي. بعد سبع سنوات، وفي ندوة أخرى نظمت سنة 2004، وبعد ما بدا واضحا أن شيئا لم يتغير وأن عملية التحيل مستمرة، طالبت الجامعة «بضبط العمولات التي يتقاضاها المرشدون، فإذا كان لا يمكن الاستغناء عن العمولات في الاقتصاد الليبرالي عموما وفي قطاع الخدمات بالذات، فلا أقل من ضبطها وتهذيبها وتقنينها «بقرار» تتخذه سلطة الاشراف وتلتزم به جميع الأطراف». والآن وبعد خمس سنوات، بقيت دار لقمان على حالها كما يقال، يجب البحث إذن في اتجاه آخر عن الأسباب الحقيقية. الحقيقة أن المرشد السياحي مجرد منفذ حلقة، شريك صغير في عملية مرتبة ومنظمة تتم على نطاق واسع، وليس المسؤول عنها بأي حال من الأحوال (كما تظن كاتبة المقال، التي تبدو أنها واثقة تماما من أن «الأدلاء تحولوا الى بزناسة» وأن في معلوماتها أن فرق المراقبة لديها «تعليمات واضحة لسحب البطاقات المهنية للمخالفين - من المرشدين طبعا-» أما الأطراف الأخرى قد تتحمل جزءا من المسؤولية نعم قد التي تفيد الشك. الدليل ليس وحده الذي يتقاضى عمولات، فهنالك أطراف أخرى تشاركه في ذلك بل تستفيد من دوره كوسيط، وفي نهاية المطاف ماذا يجني المرشد في المشاركة في تلك العمليات الفتات بالقياس مع ما يكسبه غيره، لكن على حساب كرامته وسمعته، فهو الوحيد الذي يتحمل المسؤولية عن الجميع... فهو إذن أكبر متضرر بما أنه يتخذ المرشد السياحي دائما كبش فداء. بقيت لنا كلمة بخصوص التكوين، نكتفي بالاشارة هنا الى أن مستوى المرشد السياحي في هذا البلد من أفضل المستويات عالميا، إذ لا يقل مستوى التحصيل العلمي للمرشدين عموما عن الاجازة التطبيقية (تاريخ، جغرافية، تاريخ حضارات، علوم أثار، لغات حية، إلخ) أي باكالوريا + ثلاثة، إلا أننا ننشد الكمال ولا نتغاضى عن النواقص وقد سبق لجامعتنا أن تقدمت بتصور كامل لاصلاح منضومة التكوين في ما يخص الارشاد السياحي. ختاما لقد ألحق المقال موضوع الرد أضرارا معنوية فادحة، من ذلك ما حصل لأحد زملائنا، إذ دخل عليه ابنه الذي يجتاز امتحان الباكالوريا هذه الأيام قائلا: «كيف استطيع المشاركة في الامتحان بعدما أصبح رفاقي ينعتونني بأني ابن بزناس متحيل بعد أن قرأ البعض منهم مقالة الصباح»، وقد اتصل بنا غير هذا الزميل عشرات آخرون، يطالبون من الصحافية كاتبة المقال الاعتذار علانية عما صدر في مقالها من تشهير وتشويه سمعة في حق المرشدين السياحيين». تعقيب المحررة من حيث انتهى رد الجامعة التونسية لأدلاء السياحة نشير أنه ليس من دور الصحافة ولا من دور صحيفتنا التشهير وتشويه سمعة أي طرف أو أي قطاع، في المقابل يتحتم علينا دون أدنى شك الإشارة إلى النقائص والإخلالات والتجاوزات ووضع الإصبع على الداء متى وجد. ونشير هنا إلى أن رد الجامعة تضمن إشارات واضحة وضمنية لوجود جملة من الإشكاليات والإخلالات تحوم حول موضوع السمسرة في قطاع الأدلاء السياحيين على غرار الإشارة إلى أن «...الدليل ليس وحده الذي يتقاضى عمولات...» والإشارة كذلك إلى أن «...السائح عرضة للتحيل في أغلب الأحيان وأن عمليات التحيل تشارك فيها أطراف عديدة...»، ويعد هذا اعترافا ضمنيا بحقيقة ما ورد في المقال ووجاهة طرح وتناول الموضوع من باب المحافظة على سمعة الوجهة السياحية التونسية. أما فيما يتعلق بالأضرار المعنوية التي تسبب فيها المقال والتي بلغ مداها - وفقا لما جاء في رد الجامعة - حدّ التأثير على مشاركة ابن أحد الأدلاء السياحيين، في امتحان الباكالوريا، فتمنياتنا الصادقة بالنجاح لكل أبنائنا الذين يجتازون الامتحانات.