عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون الدولي: تجربة إيران الديموقراطية باتت تقلق الغرب اعتبر السيد الشاذلي القليبي الامين العام السابق لجامعة الدول العربية ان المزاج الايراني ميال الى الحذق والديبلوماسية مع المصاعب وبرر الديبلوماسي السابق في تصريح خص به «الصباح» فور الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران التي فاز فيها الرئيس المتخلي احمدي نجاد بولاية ثانية الاقبال الواسع للناخبين في ايران على صناديق الاقتراع الرئاسية بانقسام الناخبين الى شقين. * كيف تقيمون نتائج الانتخابات الايرانية بعد فوز الرئيس احمدي نجاد بولاية ثانية بفارق كبير عن منافسه الاصلاحي موسوي وهل تتوقعون تغييرا في الخطاب السياسي الايراني وفي العلاقات الامريكية-الايرانية؟ - من الواضح ان الاهتمام الدولي بالانتخابات الرئاسية في ايران سببه القلق الشديد الذي يساور المتابعين لشؤون المنطقة. اذ يعتقد الكثيرون منهم ان انتخاب رئيس ايراني جديد من شانه ان ينشئ مناخا ,في العلاقات بين الغرب وبين طهران, اكثر تفتحا للمفاوضات في خصوص جملة من القضايا الاقليمية ,في مقدمتها ما ينسب الى القيادة الايرانية من تصميم على امتلاك السلاح النووي. اما حجم الاقبال على صناديق الاقتراع في هذه الانتخابات، فمرده انقسام الناخبين الى شقين: احدهما متمسك بالسياسة الحالية، ويعتبرها هي القادرة على الدّفاع عن كرامة البلاد، والشق الثاني ,على عكس ذلك يرى ان البلاد على ابواب ازمة خطيرة ,قد تجلب لها متاعب لا قبل لها بمواجهتها. وكلا الشقين متحمس لموقفه ويريد ان يضمن النجاح للمترشح الذي اختاره. * وكيف يمكن تفسير هذا الاهتمام الدولي الواسع بسير الانتخابات الرئاسية الايرانية وهذا الاقبال غير المسبوق من جانب الناخبين على صناديق الاقتراع؟ - من الواضح ان مقولات الرئيس احمدي نجاد اقرب الى قلوب الجماهير ,تلهب بينها الحماس، وتجلب الى صناديق الاقتراع الجموع الغفيرة؟ فهل سيبقى الرئيس الايراني على مواقفه الدولية، خاصة بعد اليد الممدودة اليه ,من الرئيس اوباما؟ في تركيبة الحكم الحالية بايران يتمتع المرشد الاعلى بسلطة دينية وبنفوذ سياسي كبير. وكان لآية الله علي خامنئي تجربة في الحكم تجعله يقدر التّعقيدات التي يثيرها الخط الحالي الذي يتبعه رئيس الجمهورية. ثم ان المرشد الاعلى يعلم ان هذا الخط لم يجعل لايران انصارا كثيرين لا اقليميا ولا دوليا. والمزاج الايراني ميال الى التعامل بحذق وديبلوماسية مع المصاعب. لهذه الاعتبارات,يمكن التوقع -بدون اسراف في التفاؤل - لتعديلات في الخط الحالي تمكن من الحفاظ على مقاصد ايران الجوهرية، مع استبعاد اهم المخاطر التي يخشاها جانب كبير من الشعب الايراني... عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون الدولي: تجربة إيران الديموقراطية باتت تقلق الغرب اعتبر الدكتور عبد المجيد العبدلي استاذ القانون الدولي في تصريح ل «الصباح» أن الانتخابات الايرانية اظهرت للغرب ان الديموقراطية موجودة في ايران وتوقع خبير القانون الدولي الا تتغير خطوط السياسة الخارجية الايرانية سريعا مرجحا ان هذا الامر يخضع للمؤسسات الايرانية ولا يرتبط بشخص الرئيس الايراني. * كيف تنظرون الى نتائج الانتخابات الايرانية وهل من مجال معها للحديث عن تغيير في الخطاب السياسي الإيراني مع الغرب؟ - اولا من المهم ان اوضح ان هذه الانتخابات شان داخلي يهم الشعب الايراني بالدرجة الاولى تماما كما حدث بالنسبة للانتخابات الامريكية عندما قرر الشعب الامريكي اختيار اوباما وازاحة الجمهوريين. ما يمكن ملاحظته ان هذه الانتخابات تمت بطريقة ديموقراطية واظهرت ان الشعب الايراني يمارس الديموقراطية على عكس دول الجوار احب من احب وكره من كره. - ثانيا لقد اظهرت الانتخابات الايرانية ان هناك احتراما للمؤسسات وان الشعب الايراني بدوره يشجع من يحترم تلك المؤسسات ورغم كل محاولات التقزيم التي يقوم بها الغرب لإزاحة احمدي نجاد فقد اعاد الايرانيون انتخابه ولم يبالوا بما يقوله الاعلام الغربي واسرائيل ولا الولاياتالمتحدة والارقام المعلنة حتى الان تؤكد ان الشعب الايراني يقف الى جانب احمدي نجاد ومن يكون الشعب الى جانبه ويحترم مؤسسات الدولة سيصل في النهاية الى نتيجة. من الواضح ان الغرب وان كانت له مواقفه السلبية من الرئيس الايراني فان نفس هذا الغرب في حد ذاته يحترم احمدي نجاد في قرارة نفسه. اما عن خطاب احمدي نجاد ومواقفه من المحرقة فهذا موقف شخصي وقد عمد الغرب ومعه مؤسساته الاعلامية للركوب على هذا الامر ولكن في اعتقادي فان الشعب الايراني فهم الرسالة. واذا كانت اسرائيل تريد ازالة احمدي نجاد فان من حقه ان يقول بدوره ما يريد عمن يسعى لازالته. السياسة الدولية اصبحت احادية الجانب بمعنى ان ما يقوله الغرب مقبول دوما وان ما يقوله احمدي نجاد غير مقبول. ولذلك فان الانتخابات الايرانية اظهرت ان ايران متعددة القوميات والديموقراطية موجودة سواء احببنا ام كرهنا ولكن لا الغرب يريد الحديث عن ذلك ولا العرب ايضا يريدون الحديث عن ذلك. لذلك فعندما يرون ان هناك انتخابات في فنزويلا او في ايران فانها تزعجهم. ولا ابالغ اذا قلت ان ما يريده العرب هو ارضاء امريكا وارضاء امريكا غير ممكن الا بارضاء اسرائيل ولذلك فان سياسة احمدي نجاد غير مقبولة. * ولكن كيف يمكن قراءة كل هذا الاهتمام الدولي بنتائج الانتخابات في ايران؟ - نحن ازاء دولة تحتل موقعا استراتيجيا لا يستهان به في العلاقات الدولية وايران تطل على مضيق هرمز وهي أيضا ممر لمصدر اساسي للطاقة في العالم وهو ما يعني ان ما يقوله الغرب عن ايران لا يعكس الحقيقة والغرب لا يحترم روسيا بقدر ما يحترم ايران. والغرب اكثر من يدرك ان ايران دولة جدية والكثير من العرب يحترمون نجاد ولكنهم لا يقرون بذلك علنا ولكنهم في المقابل يهيبون بما يقوله اوباما ويشيدون بذلك. هل سيتغير الخطاب السياسي الايراني بعد هذه الانتخابات؟ صراحة لا اعتقد ذلك وحتى لو ان منافس نجاد هو الذي فاز في هذه الانتخابات فلا أعتقد ان توجهات ايران ستتغير بين عشية وضحاها ونجاد لا يصنع القرار السياسي الايراني بمفرده، هناك مؤسسات ايرانية من خلفه وما يمكن استخلاصه ان نجاد نجح بطريقة ديموقراطية في هذا السباق وهذه الديموقراطية اصبحت تقلق الكثيرين وتتسبب في احراجهم. وايران لها دور في الشرق الاوسط وفي لبنان وفي العراق وفي افغانستان ولا اعتقد ان هناك دولة عربية لها مثل هذا الدور. علينا الاستفادة من هذه التجربة الايرانية وهذا الكلام لا ينفي وجود اخطاء وثغرات ولكن لا ينفي ايضا ان اسرائيل تريد ان تخلق من ايران عدوا بديلا للعرب، أخطر ما يمكن تصوره ان تسعى اطراف عربية الى التعاون مع اسرائيل ضد ايران. هناك صراع عربي اسرائيلي قائم ولا احد يمكنه ان ينكر ذلك ولكن هناك من يريد ركوب القافلة والقفز على الحقائق وخلق عدو آخر. لقد ميز الشعب الايراني بين الخطا والصواب في تحقيق مصلحته وحتى لو وصل موسوي الى رئاسة ايران فان السياسة الخارجية لايران ازاء الغرب لن تتغير وللمؤسسات السياسية دورها وموقعها... ولعل من تابع المناظرات التلفزية بين المتنافسين في الانتخابات الايرانية قد شعر بالسرور لتلك المشاهد التي لم نتعود عليها في عالمنا وفي اعتقادي ان السياسة الدولية ووسائل الاعلام تلعب دورا كبيرا في تحديد هذا التوجه. طبعا هناك خطاب موجه للداخل واخر للخارج. نجاد يعرف كيف يخاطب الايرانيين عندما يتحدث عن سرطان اسرائيل وهي تدمر فلسطين ولبنان وعندما يقول ان اسرائيل قائمة ضد القانون وهذه حقائق ولكن لا احد يقولها او كذلك عندما يقول ان امريكا دمرت العراق وافغانستان. ولكن ومرة اخرى لا اعتقد ان الديموقراطية في ايران ليس لها اخطاء او انها لاترتكب اخطاء في حق دول مجاورة مثل احتلالها للجزر الاماراتية. المهم بالنسبة للعرب الا يتلهى العرب بما تسعى اليه اسرائيل بجعل العدو الاول للعرب وان يتخلوا عن القضية الاساسية وهي القضية الفلسطينية ومصلحة العرب في قوة ايران وطالما انهم ضعفاء فعليهم التضامن مع ايران وليس التصادم معها واسرائيل لا تخشى غير ايران...