تونس الصباح لو كانت العازفة ياسمين عزيز ولدت في بيئة أخرى وتحديدا في بيئة لها تقاليد في اكتشاف المواهب منذ الطفولة المبكرة واحتضانها وجعلها تختزل السنين فتصبح منذ سن المراهقة من بين العازفين من ذوي الاقدام الراسخة في الساحة لما كانت وهي العازفة اللامعة اليوم سوى واحدة من بين الاسماء الكثيرة الموهوبة والتي توفرت لها فرصة الجمع بين الموهبة والعلم ولكن وبحكم أن ياسمين عزيز نشأت في بيئة مختلفة فإننا قد لا نبالغ إذ نتعامل اليوم معها على أنها ظاهرة موسيقية. أصبحت ياسمين عزيز التي تواصل دراستها حاليا بالولاياتالمتحدة بعد أن قضت سنوات تتعلم الموسيقى والعزف بمدرسة بلندن مشهورة بأنها الافضل في تدريس الموسيقى لصغار السن في العالم على الاطلاق , أصبحت اسما معترفا به في بورصة الاسماء اللامعة بالعالم والمرغوب فيها في المناسبات الفنية الكبرى. ضيفة شرف مهرجان الجم للموسيقى السمفونية وتعزف الليلة إلى جانب فرقة " أوبيرا فيانا " الشهيرة في عرضها الذي تفتتح به مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية إذ تقدم وصلة من 10 دقائق لبيتهوفن كما نجدها ضيفة شرف بنفس المهرجان خلال السهرة الايطالية التي يؤمنها أوركستر " نوفا آمادوس " لموسيقى الصالون. ولا ننكر على تونس ما تقوم به ووفق امكانياتها لدعم الفن والموسيقى والابداع عموما لكن مازال ينقصنا الكثير وعلى المستوى العربي عامة في مجال اقتناص الموهبة وتعهدها وتربيتها منذ الطفولة المبكرة. ياسمين عزيز تعتبر من بين الاستثناءات ويعود الامر في جانب كبير منه إلى هدية الوالدة لابنتها في سن الرابعة من عمرها وتقول ياسمين عزيز في هذا الصدد : لقد أهدتني والدتي آلة كمان( أو "كمنجة " وفق الاستعمال التونسي) وبحكم أن منزلنا كان لا يتسع مثلا لالة بيانو أو غيرها من الالات الموسيقية التي تتطلب مساحة كبيرة فإنها فضلت آلة الكمان وهكذا انطلقت الرحلة في عالم الموسيقى. وتروي ياسمين عزيز التي التقيناها بمناسبة وجودها بتونس تفاصيل حول تجربتها الموسيقية التي يصفها النقاد بالملفتة للانتباه فتقول. تقدمت في مسابقة للانضمام إلى مدرسة " يهودي مينوين " لتعليم الموسيقى بلندن ولم أكن أتجاوز سبع سنين من عمري وذلك بتوجيه من معلمي للموسيقى. وتمكنت من خوض المغامرة الصعبة بنجاح حيث تم قبولي بهذه المدرسة ذات الشهرة العالمية إلى جانب مرشح آخر من ضمن حوالي 500 متنافس. بدأت رحلتي بهذه المدرسة عند بلوغي تسع سنوات واستمرت إلى غاية بلوغي 17 سنة حيث تم تتويجي بالجائزة الثانية لافضل العازفين الشبان في ذلك العام. من لندن إلى بوسطن وتصف ياسمين عزيز التجربة بأنها لم تكن يسيرة في البداية. ورغم مرافقة والدتها لها إلى العاصمة لندن فإنها لمست صعوبة المغامرة خاصة لانها كانت طالبة مقيمة بالمدرسة لكنها سرعان ما تعاملت بشكل طبيعي مع التحول الذي عاشته وفق تأكيدها. وتخصص المدرسة المذكورة ساعات طويلة يوميا للعزف بالتوازي مع الدراسة النظرية. وبمجرد أن أنهت دراستها بلندن طارت ياسمين عزيز إلى الولاياتالمتحدة وتحديدا إلى مدينة بوسطن لتتعمق أكثر في علوم الموسيقى وتطوير تقنيات العزف. وينتظر أن تتخرج بعد سنتين إذ تدوم الدراسة هناك خمس سنوات. وتراوح ياسمين عزيز منذ سنوات بين الدراسة وتقديم عروضها في العالم. وهي تكثف عروضها بالمدن الامريكية منذ التحاقها بالولاياتالمتحدة. وإذ لمعت ياسمين عزيز من خلال أدائها للموسيقي السمفونية فهي لم تقتصر على هذا اللون الموسيقي تسعى باستمرار الى تنويع تجاربها فتؤدي مثلا الجاز وموسيقى الغجر وغيرها. وتتحدث هذه الفنانة الشابة بحماس عن تونس فتقول. لتونس مكانة خاصة في قلبي وأنوي الاستقرار بها بعد تخرجي وهي تنفي مسألة عدم وجود جمهور للموسيقى الكلاسيكية في تونس وترى أن عروضها بتونس كانت دائما ناجحة جماهيريا. ويوعز الموسيقي مراد الصقلي مدير مركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء نجاح الفنانة ياسمين عزيز في الظهور كعازفة متميزة وهي تشق طريقها بقوة إلى العالمية إلى عوامل أساسية. فهي فتاة موهوبة جدا وميالة للاجتهاد والعمل المكثف ومتواضعة وتتمتع بعقل منفتح. وكانت لهذه الفنانة الشابة مشاركة بالنجمة الزهراء في إطار تظاهرة عازفون شبان بارعون بالنجمة الزهراء وهي تذكر هذه التجربة وتقول حولها. "كنت في ذلك الوقت سعيدة جدا بتقديم عرض إلى جانب العازف رامي خليفة". ويشير مراد الصقلي إلى أن ياسمين كانت وهي لا تزال في سن اليافعين تبرز بتحكمها الكبير في تقنيات العزف وكان ينتظر منها أن تضاعف من الجهد في مجال إظهار احساسها. اليوم يرى هذه الفنانة الشابة وقد أصبحت تملك إحساسا كبيرا إلى جانب تطوير تقنيات الاداء كما أنه ينظر بعيون إيجابية لعدم اقتصار ياسمين على الموسيقى الكلاسيكية. ويؤكد مدير النجمة الزهراء على خصلة عند ياسمين عزيز يعتبرها جوهرية عند الموسيقي وهي تتمثل في الاستماع إلى الاخرين. ويرى أن ياسمين عزيز كثيرة السماع لمختلف الموسيقات مما يؤهلها لاكتساب ثقافة موسيقية واسعة. وتبلغ ياسمين عزيز من العمر حاليا 21 سنة اذ هي من مواليد سنة 1988 ودخلت بعد إلى العالمية من بابها الواسع ويتوقع العارفون أن يخرج العجب من هذه الفنانة الانيقة والرشيقة التي تمارس الموسيقى بقواعدها الصحيحة منذ سنين الحضانة.