تونس الصباح ظاهرة خطيرة،تكثر وتتزايد خاصة خلال شهري جويلية وأوت وبالتحديد في ساعات الذروة وقت خروج الموظفين والعمال. وتتمثل هذه الظاهرة في استغلال أصحاب السيارات للجو الحار والخانق والنقص في وسائل النقل العمومي وعدم انتظام مواعيدها،ونقص وغلاء سيارات الاجرة لنقل الركاب نحو وجهات محددة بمقابل. وتكثر هذه العملية خاصة قي المناطق الشعبية وفي الاحياء المحيطة بالعاصمة. والمشكل أن عملية "قرصنة" الركاب من قبل ما يعبرّ عنهم ب"الكلندو" (أي السريينّ Les clandestins) تتولد عنها عديد الاشكاليات القانونية من ذلك أن عملية نقل الركاب بمقابل من قبل أصحاب السيارات الخاصة يمنعها القانون وتحمل عواقب وخيمة على مستوى التأمين في صورة حصول حوادث مرورية حيث لا تعترف شركات التأمين بتعويض المتضررين من الركاّب. وتقوم وزارتا الداخلية والنقل بالتنسيق والعمل المشترك لاستئصال هذه الظاهرة تماما. لكن ورغم الحملات التي تقوم بها مصالح وزارتي النقل والداخلية ضد "الدخلاء" والسوق الموازية لسيارات الاجرة والنقل الجماعي والعمومي ،فان الظاهرة ظلت قائمة يتمعش منها العديد من أصحاب السيارات التي تكون في غالب الاحيان في حالة سيئة جدا والاخطر ان بعضها يمكن ان تكون غيرمؤمنّة.. وغالبا ما تفضي الحملات التي تقوم بها وزارتي الداخلية والنقل الى التقليص من هذه الظاهرة بشكل كبير خاصة أن العقوبات التي تفرض على الدخلاء المخالفين تكون شديدة.. وللحد من هذه الظاهرة أقصى ما يمكن، تم التنسيق بين وزارة النقل وولاة تونس الكبرى للترفيع في عدد رخص النقل الجماعي على بعض الخطوط التي يعمل بها "الدخلاء".. والنتيجة كانت واضحة ومرضية حيث تقلص ظهور "الدخلاء" في الاماكن التي أعطيت بها رخص التاكسي الجماعي.. نظرا لانخفاض المردودية التي تعودّ "الدخلاء" على جنيها من عملهم السري المخالف للقانون.من ذلك أن منطقة سيدي البشير التي تعتبر معقلا لهؤلاء ينطلقون منها خاصة نحو خطوط ابن سينا وبن عروس والمروج والسيجومي وسيدي حسين وباب سعدون...لم تعد تشهد نفس النشاط السابق منذ أن تواجدت سيارات التاكسي الجماعي التي تعمل على الخطوط المذكورة.. وفق الشروط والمقاييس الفنية والاجرائية المعهودة. وذكرت مصادر من وزارة النقل ل"الصباح" أن هذا الاشكال تتدخل فيه عدة أطراف وخاصة وزارتا النقل والداخلية وكذلك الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة الذي يراقب المحطات الطرقية ومحطات اللواج.واضاف ان مراقبي وزارة النقل ينتشرون في الطرقات لمراقبة ومعاينة وسائل النقل العمومي وحتى الخاص(الحاملة لعلامة النقل للحساب العمومي أوالنقل للحساب الخاص) وكذلك تقوم بمساعدة فرق أمنية بمراقبة "الدخلاء" الذين يستغلون سياراتهم الخاصة لنقل ركاب بمقابل.لكن لوزارة النقل حدود في ذلك حيث أن مراقبة المخالفة وتسجيلها واتخاذ الاجراءات ضد مرتكبها تكون أساسا من مشمولات اعوان الامن الذين يخول لهم القانون وحدهم رفع المخالفة وتحرير المحاضر فيها. وحملت مصادر وزارة النقل المسؤولية للمواطن الذي لا يعرف مصلحته ويخاطر بنفسه ويخالف القوانين بالركوب في سيارات غير مخولة أساسا لنقل الغير. وبدورها أكدت مصادر وزارة الداخلية ل"الصباح" أن نقل الغير بمقابل وبصفة غير قانونية تعتبر مخالفة منصوص عليها في مجلة الطرقات ووزارة الداخلية تقوم بحملات للتصدي لهذه الظاهرة الى جانب الدور الذي يقوم به أعوان المرور يوميا في التثبت من أوراق السيارات ومن هويات أصحابها وتسجيل المخالفات. ورغم ذلك تبقى ظاهرة "الكلندو" ونقل الركاب بصفة غير قانونية في حاجة الى حزم أكبر ومن المفروض النظر الى هذه المسالة من اصلها ومن جذورها والبحث في أساس المشكلة والتساؤل لماذا تواجد "الدخلاء" أي ظروف سمحت لهم ب "التواجد" ؟ والاكيد أن الجواب على هذه التساؤلات سيذهب في وجهة واحدة وهي النقص المسجّل في العرض على مستوى النقل العمومي من حافلات وقطارات وسيارات تاكسي وهو ما أتاح لهؤلاء الدخلاء مكانا للتواجد به وحرفاء ملوا انتظار وسائل النقل العمومي ومشاكله ليجدوا ظالتهم في هذه السيارات الخاصة...