تونس- الأسبوعي قد يبدو العنوان غريبا للبعض لكن الصورة تقيم الدليل على ذلك.. أما من كان وراء الصورة فهو عريف في الجيش التونسي غيّرت الصدفة مجرى حياته ليصبح مثالا لرجل الأعمال الأمريكي الناجح... ودفعه حبه لمسقط رأسه ليخلّد اسمها في بلاد الأمريكان، قصة نجاحه وتخليد اسم صفاقس يرويها لنا العريف السابق فرحات العثماني فيما يلي... كان ذلك في سنة 1987 عندما تحوّل في تربص رفقة الجيش الوطني الى الولاياتالمتحدةالأمريكية لمدة 11 شهرا وهناك تعرف على ساندي التي أحبها وقرر العودة إليها مهما كان الثمن... فرجع الى ارض الوطن يحدوه الأمل في الحصول على إعفاء من مواصلة العمل في الجيش الوطني الذي كان يشغل فيه خطة تقني رادار طائرات ''الأف ''5 فكان له ما أراد إذ حصل على مطلب سراح فغادر في جوان من سنة 1989 تونس في اتجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالتحديد إلى كولورادو حيث تزوج من احبها.. ولأنه لا يتقن من العمل إلاّ ما حفظه في الجيش التونسي فقد تقدم بطلب للالتحاق بالطيران الحربي الأمريكي وهنا تلعب الصدفة من جديد دورها فالطيران الأمريكي طلب منه الانتظار مدة 6 اشهر لكنه لم يقبل هذا الانتظار فتوجه بطلب للمارينز الذي قبل طلبه فورا فالتحق بجيش المارينز كميكانيكي طائرات من صنف ال''أ''4 و''أ''10 منذ جانفي 1990 وذلك بإحدى قواعد مدينة مامفيس عاصمة ''التينيسي'' على ضفاف نهر الميسيسبي وهناك تعرف على كابتن طيار يعمل في الجيش ويملك في الآن نفسه محطة للغسل الآلي للسيارات فتوطدت العلاقة بينهما إلى أن دعاه للعمل في محطته نهاية الأسبوع ليوفر بعضا من المال، ولأنه كان موضع ثقة اقترح عليه بعد سنة من العمل وبعد أن شارف عقده مع المارينز على الانتهاء، العمل كوكيل لمحطته فقبل ذلك لكن وبعد أن غادر المارينز وباكتشافه لرتابة العمل وانعدام الآفاق شعر بالندم عما أقدم عليه إلى أن حمل له القدر ذات يوم سيارة ليموزين عملاقة إلى المحطة قدمت للتنظيف.. وكانت تلك المرة الأولى الذي يتعامل فيها مع ليموزين فلمعت في رأسه فكرة شيطانية سرعان ما بادر بتجسيمها.. لماذا لا يقتني ليموزين ويعرضها للكراء سيما وان المدينة التي يقطن بها تضم أكبر قطب صناعي في الجهة وبه عدة شركات عالمية وفي حاجة دوما لمثل هذه الخدمات إضافة لحاجة رجال الأعمال الوافدين إلى ذلك. حمل فرحات كل مدخراته ومدخرات زوجته إلى البنك وطلب قرضا لاقتناء ليموزين ثمنها في حدود 52 ألف دولار... مكنه البنك من القرض واقتنى السيارة لكنه كان مطالبا بأن يحمّلها اسما لأن التسجيل هناك عادة ما يكون بالاسم وليس بالترقيم وكان عليه أن يحمّل مشروعه الجديد نفس الاسم... فكّر مليا فلم يجد غير اسم صفاقس لتخليد اسم المدينة التي احتضنته وعاش فيها طفولته وجزءا من شبابه رغم أنه أصيل جزيرة قرقنة فحملت لوحة سيارته إسم صفاقس. انطلق في العمل يوم 15 جانفي 1995 لكنّ النشاط ظل محتشما لذلك كان في حاجة إلى مداخيل إضافية فكان يعمل في شركة عالمية للبريد وشحن الطرود ويعمل رفقة زوجته على متن الليموزين في الآن نفسه وكان يعمل دون أن يرتاح.. ولم تمض اشهر حتى ابتسم له الحظ مرة أخرى إذ تقرر فتح كازينوهات على امتداد ضفاف الميسيسيبي المجاورة للمدينة فتدفق الأثرياء للعب بها وكان المطار يبعد أكثر من 30 كيلومترا على الكازينوهات وبعد مضي ستة اشهر من اقتنائه السيارة الأولى تجده يقتني الثانية ولم تمض سنة واحدة إلاّ وفرحات يمتلك ثلاث ليموزينات تحمل اسم صفاقس وتنقل رجال الأعمال والنجوم في كل الاتجاهات وأصبحت له شركة تحمل إسم ''صفاقس ليمو''. وخلال السنوات المنقضية نجح في تنمية نشاطه بشكل هام فأمضى عدة عقود مع شركات طيران عالمية على غرار ''يونايتد آرلاينز'' وشركات صناعية على غرار ''نايك'' المختصة في صنع الأحذية الرياضية والتي تمتلك مركزها الرئيسي هناك إضافة لجملة من الشركات العالمية المختصة في صناعة الأدوية والتي يأتيها كبار الأطباء إضافة لنقله نجوم الغناء والسينما والرياضة على غرار جيمس براون وبرينس وفيل نايك وبيل غاسبي وجينفر لوبيز ونجم كرة السلة العالمي شاك إضافة للملكة نور وغيرهم كثير. المهم أن فرحات يمتلك اليوم أكبر شركة في مامفيس... تضم 22 سيارة ليموزين ومستودعات ومكاتب وفيلا ويبلغ رأس مالها حسب آخر تقييم 3 مليون دولار أي حوالي 4,5 مليون دينار تونسي وتوفر سنويا أرباحا صافية في حدود 180 ألف دينارا وتشغل 30 أمريكيّا جلهم من السواق إضافة لعدد من السكريترات اللواتي يعملن على مدار الأربع وعشرين ساعة.. ورغم ذلك فهو يشغّل أبناءه (8 و14 و16 سنة) على الطريقة التي تربى عليها في صفاقس أي عليهم العمل ليحصلوا على مصروفهم اليومي لذلك تجدهم يغسلون السيارات ويقومون بجل الأعمال الأخرى ليقفوا على أهمية قيمة العمل كما قدسها والدهم ووالدتهم اللذان كانا يعملان لمدة 15 ساعة قيادة دون ملل على امتداد كامل الأسبوع الى حين توفقوا في جعل ''صفاقس'' ناقلة النجوم الأولى في عاصمة التينيسي.. تلك قصة نجاح فرحات العثماني وتخليده لاسم المدينة التي أحبها وفي هذه القصة لشبابنا أكثر من عبرة.. هذه العبر أراد الإعلامي البارز توفيق الحبيّب أن يخلدها على طريقته في موقع بعثه للغرض ويحمل اسم ''ليدرز'' وهو الذي أمدنا بهاتف فرحات.. فشكرا له على ما يبذله من جهود لجمع شتات التونسيين الناجحين في شتى أصقاع العالم والذين لا نعرف عنهم إلا القليل. حافظ للتعليق على هذا الموضوع: