تونس الصباح رغم اقتران فصل الصيف في تونس عادة بقدر كبير من الارتخاء فقد انطلق ماراطون الاستعدادات للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة بالنسبة لمختلف الأحزاب والاطراف السياسية القانونية.. من خلال سلسلة من المؤشرات يبدو أن أحزاب المعارضة الوطنية لا تزال تشكل تيارين كبيرين متباينين: الأول يتمسك بخيار المشاركة والحوار مع السلطة ومع "حزب الأغلبية ":التجمع الدستوري الديمقراطي.. ويضم الأحزاب "البرلمانية" أي الممثلة في البرلمان ما عدى حركة التجديد بزعامة السيد أحمد إبراهيم.. بعد ابتعادها تدريجيا عن الخط الذي قاده السيد محمد حرمل أمينها العام السابق.. * والثاني يركز على الثغرات والنقائص في المشهد السياسي الرسمي وعلى التحالفات مع المعارضة غير القانونية أو بعض مكوناتها.. وتبدو حظوظ هذا التيار الانتخابية ضعيفة.. فيما لا يخفي بعض قادته ورموزه أن مشاركتهم في المسار الانتخابي له أساسا أهداف اعلامية وسياسية.. 53 مقعدا في البرلمان والسؤال الذي يطرح نفسه في صفوف عدة أوساط من المستقلين والمعارضين : ماذا بعد مساندة قيادة اتحاد نقابات العمال ترشح الرئيس زين العابدين بن علي زعيم حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ينتمي اليه 80 بالمائة من أعضاء البرلمان الحالي؟ هل لاتزال للاحزاب السياسية فرصة التاثير بقوة في المسارالانتخابي وفي نتائجه السياسية والانتخابية؟ وهل لديها فرص لاستيعاب تعقيدات الفسيفساء السياسية الجديدة.. وتطلعات الأجيال القادمة.. ومشاغل شباب يفكر في مصلحته وفي المستقبل أكثر مما تشده الشعارات الإيديولوجية والسياسية التقليدية؟ لا يزال كثيرمن المعارضين والحقوقيين والنقابيين والمثقفين المستقلين يراهنون على مكاسب المشاركة في انتخابات اكتوبرمن خلال "جبهات تقدمية ديمقراطية".. ليكون الفائزون في الانتخابات التشريعية ضمن "القائمة الوطنية" من الكفاءات التي تثري البرلمان والحياة السياسية قولا وفعلا.. خاصة أن عدد المقاعد التي يخصصها القانون الانتخابي التونسي للمنافسين القائمة الفائزة بالأغلبية التي ستكون على الأرجح قائمة الحزب الحاكم في البرلمان القادم لن يقل عن 53 مقعدا.. وهو ما سيفتح الباب لأول مرة لتشكيل مجموعات ضغط برلمانية.. قد تفتح آفاقا جديدة للحياة السياسية.. يذكر أن التعديل الذي أقره البرلمان التونسي بغرفتيه مؤخرا وسمح بتكوين "مجموعات برلمانية" من قبل كل قائمة حزبية تفوز بما لايقل عن 5 بالمائة من المقاعد.. وهو شرط سيتوفر في 3 أحزاب معارضة أو أكثر حسب وزنها في البرلمان الحالي.. ودورها في اللعبة السياسية هذه الأسابيع..وعلى رأسها حركة الديمقراطيين الاشتراكيين صاحبة النسبة الاكبر من المقاعد في البرلمان بين أحزاب المعارضة منذ 1994.. وقد أعلن أمينها العام اسماعيل بولحية منذ أشهر مساندة حركته الكامل لترشح الرئيس زين العابدين بن علي في الرئاسيات مع تقديم منافسين لحزبه في الانتخابات البرلمانية في كل الدوائر الانتخابية. تحالفات بعد هذا القرار الذي اتخذته القيادة العليا لاتحاد الشغل تتعزز فرص قيام تحالفات وسيناريوهات مهمة في الانتخابات التشريعية عبر اختيار شخصيات نقابية ومستقلة في قائمات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.. بينما قد تحرص بعض قائمات أحزاب المعارضة والقائمات المستقلة على أن يكون بين مرشحيها بدورها نقابيون ومستقلون.. وهو ما قد يمثل إضافة نوعية في تركيبة مجلس النواب القادم.. معالجة ملف البطالة هذه التحركات السياسية والإعلامية المكثفة تحضيرا للانتخابات تتزامن مع تزايد المشاغل الاجتماعية لاوساط شعبية عديدة.. في مرحلة تنوعت فيها مضاعفات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.. وقد كشفت لقاءات الحوار التي نظمت مؤخرا في مقرات حزب التجمع وأحزاب المعارضة اقتناعا جماعيا بان تقترن المحطة السياسية الانتخابية القادمة بخطوات علمية جديدة للتخفيف من حدة ملف البطالة عامة وبطالة الشباب خاصة. وكان الوزير الأول سجل أن عدد العاطلين عن العمل في تونس يحوم حول نصف مليون 20 بالمائة منهم من بين حاملي الشهائد العليا وبينهم200 ألف ممن لم يدخلوا أي مدرسة ثانوية. وحسب بعض المصادر فان من بين مضاعفات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية إحالة حوالي 30 ألف تونسي وتونسية على البطالة الفنية أو على نظام عمل وقتي.. في انتظار امتصاص المشاريع والاستثمارات الجديدة لتلك المضاعفات.. هذه المستجدات تدعو إلى الانشغال في بلد محدود الموارد الاقتصادية مثل تونس لكنها تدعو إلى أخذ الأمر بالجدية والحزم المطلوبين لأنه لا تقدم ولا استقرار لاي مجتمع اذا كانت نسبة كبيرة من شبابه وطاقاته الحية محرومة من شرط من شروط التوازن المادي والنفسي والاجتماعي أي مورد الرزق اللائق والدائم.. وقد كان الشعار المركزي للرئيس بن علي في الانتخابات الرئاسية في 1999و2004 " التشغيل أولويتي " ثم " التشغيل أولويتي دائما "..وقد يكون من بين رهانات قيادات اتحاد الشغل عند دعمها ترشح الرئيس بن علي الأولويات الاجتماعية للبلاد في المرحلة القادمة.. وفي كل الحالات فان استمرار الازمة الاقتصادية العالمية وتأكد تأثريراتها على تونس من بين العوامل التي ستعطي الملفات الاقتصادية والاجتماعية أولوية في الخطاب الانتخابي لمختلف الاطراف التي ستشارك في سباق أكتوبر الانتخابي..