تونس - الصّباح حشود متوقعة كانت حاضرة في كواليس عرض الفنان «غازي العيادي ومن لحّن لهم» ولعل أبرزهم الفنان لطفي بوشناق وصابر الرباعي ومحمد الجبالي وحسن الدهماني وشكري عمر وألفة بن رمضان ومنيرة حمدي وآخرون من مجال التلحين والتوزيع والتأليف وايضا التمثيل، كل هؤلاء جاؤوا لمساندة «صديقهم» و«أخيهم» كما عبروا بأنفسهم عن ذلك. «الصباح» واكبت كواليس السهرة واقتنصت فرصة وجودهم لتسألهم هل أنتم هنا للمساندة الحقيقية أم للدعاية أم لتمضية وقت ممتع في مسرح قرطاج؟ ففي حين تفاجأ البعض من السؤال، ابتسم آخرون وعبروا بكل تلقائية عما اختلج في نفوسهم من مشاعر. منافسة الميدان الفني هو ساحة منافسة متواصلة، ليست دائما شريفة بين المغنين والمطربين لضمان مرتبة او مكان لهم في الواجهة، وقد تصبح مشاهد المؤازرة بينهم في الحالات الخاصة مبعث تساؤل، فهل هو الصدق الذي دفع بالفنان لطفي بوشناق مثلا للمجيء واقتحام الكواليس بحثا عن غازي العيادي؟ اجابة الفنان لطفي بوشناق كانت كالتالي: «طبعا.. من واجبي أن أساند ابن بلدي وصديقي غازي، لان صورة تونس في الميزان ولأن الوطنية تحتم عليّ مد يدي لاصافح وأهنئ وأشجع وأتفاعل، أنا مطالب بذلك وأفعله بصدق كبير». أمر مفروغ منه! سألنا صابر الرباعي ما هي حقيقة مشاعرك كفنان في مثل هذه اللحظة التي نراك تصافح فيها غازي العيادي بشوق وبشاشة؟ ابتسم صابر وقال «فرحان.. أشعر أنه حفلي الخاص وأنا مطالب بالحضور فيه..». وقد علقت ألفة بن رمضان على نفس السؤال بالقول «انه أمر مفروغ منه أن يساند الفنان التونسي زميله في حدث هام كهذا وهو حدث اعتلاء ركح مسرح قرطاج.. فما نتمناه لأنفسنا عادة نتمناه بل نرجو تحققه لزملائنا وهذه حقيقة والا ما كنت لأحضر لو لم أحمل مثل هذه المشاعر الصادقة». حسن الدهماني عبّر عن استغرابه من ادارة مهرجان قرطاج التي لم تفده باجابة مقنعة بعد ان أمدّها بملفه الفني ومطلبه في أن يكون حاضرا ومشاركا في هذه الدورة، ولكن لم يتلقّ اجابة بالنفي أو الايجاب حتى لحظة كتابتنا لهذه السطور! في المقابل عبر الدهماني عن سعادته وهو يواكب حفلا فنيا في قرطاج لزميل يحترمه وهو يقصد «نجم» السهرة غازي العيادي. وكعادتها كانت منيرة حمدي في الموعد داخل الكواليس لتسلّم على زميلها غازي العيادي وتتمنى له التوفيق وقد قالت كلاما جميلا عن واقع علاقتها بهذا الفنان الذي تحترمه كثيرا. ملحنون.. شعراء وممثلون الشاعر حاتم القيزاني جاء هو الاخر لدعم العيادي (ومن لحّن لهم)، وكان بشوشا ومتابعا لتفاصيل السهرة بكل اهتمام، كذلك قال الملحن محمد علام «أعرف غازي العيادي منذ كان طفلا صغيرا، وعلاقتي به متينة وصادقة ويهمني اليوم أن أعايش نجاحه على ركح مسرح قرطاج»، سألته هل ترى النجاح الفني مرتبط اساسا بمدى اقبال الناس على الحفل، أم ان المسألة تتجاوز ذلك؟ «الجمهور مطلوب لتدعيم الشعور بالنجاح ولكن يهمنا ان يكون الجمهور الذي جاء ليواكب الحفل مقتنعا تماما بما يقدمه الفنان الذي يغني امامه»! وقد دعّم الموسيقار عبد الرحمان العيادي هذا الموقف وقال «كقائد فرقة أحرص على أن يكون التنفيذ الموسيقي للأغاني مستجيبا لشروط الدقة والنجاعة، عدا ذلك فاني أرى الأذواق مختلفة ومتعددة ويمكن للجمهور ان يحب غازي العيادي مادام هذا الفنان قادرا على الابداع والاقناع». نفاق.. هل ينافق الفنانون زملاءهم لان المنافسة تفرض ذلك، في حين ان للشاعر والملحن علاقة تكامل مع المغني وبالتالي لا يمكن لفرضية النفاق ان تطرأ؟ كنا أكثر حرصا على طرح هذا السؤال على الملحنين والشعراء والموزعين الذين كانوا في كواليس السهرة ومن بينهم منير الغضاب وسامي المعتوقي اللذان شاركا في العزف مع نجم السهرة فيما بعد. اوضخ الغضاب ان الموسيقي يكمّل الفنان الذي يغني وعلاقتهما حسب تقديره هي علاقة ود حقيقي، ولا يمكن للملحن ان ينافق فنانا لحّن له، لان النتيجة ستنعكس بالتأكيد على ما سينتجه له من أغان. وقد دعّم الموزع سامي المعتوقي هذا الموقف مثمنا ما يجمع الفنان بالموسيقي من شفافية، اعتبرها ضرورية لاستمرارية العلاقة بينهما.