هو صوت طربي، من أفضل الأصوات العربية، التي برزت في السنوات الأخيرة، إلا أنه تأخر قليلا في البروز، لأنه لم يختر المسار الصحيح الذي يضمن له النجاح محليا وعربيا بعد هو حسن الدهماني الذي أثث سهرة أول أمس الأربعاء. هو المطرب التونسي حسن الدهماني، صاحب الصوت القوي والطربي، الذي أثّث سهرة أول أمس، بفضاء «النجمة الزهراء» بسيدي بوسعيد، في إطار فعاليات هذه الدورة من «ليالي قرطاج». الدهماني اختار أن يستهلّ حفلته بأغنية «ليالي قرطاج» طالبا منها بلطف أن تأخذ بيده في السنوات اللاحقة، حين ينشد «يا ترى تاخذ أيّامك بإيدينا يا ليالي قرطاج». «بوشناق» حاضر ومن «ليالي قرطاج» (الأغنية) انتقل الفنان حسن الدهماني بالجمهور الى ألحان الفنان لطفي بوشناق، فعمد الى إلقاء القصيد الذي سيغنّي في ربط معقول بين المعنى والمغنى، وتقول كلمات الأغنية والقصيد في بيتها الأول: «إن رمت تعرف كيف الشعب ينتصر اذهب لتونس فيها العلمُ والخبرُ» وما إن أنشد الدهماني هذا البيت، حتى دخل الفنان لطفي بوشناق الذي كان يجلس بجانبنا في حالة من الانتشاء.. كان «بوشناق» يجلس على كرسي أبيض في الصف الأخير المخصّص للجلوس، مطأطئا رأسه الى الأسفل مغمضا عينيه، يتمايل أحيانا مع ألحانه، ويقف أحيانا دون أن يكون قد وقف إعجابا بأداء زميله حسن الدهماني لألحانه.. كان بوشناق وكأنه في حالة انتشاء، كما غنّى «الدهماني» من ألحان «بوشناق» وكلمات آدم فتحي أغنية «وينك يا حبّي القديم». غرام في اعتصام ودائما مع الأغاني الخاصة بالفنان حسن الدهماني الذي عرف كيف ينظم برنامج حفله، لينتقل بالجمهور من ألحان الفنان لطفي بوشناق الى ألحانه الخاصة والتي شملت كلمات الشاعر الغنائي بشير اللقاني، فغنّى له «علاش القمرة ما تضويش»، وفاجأ الفرقة الموسيقية المصاحبة له بقيادة عازف الكمنجة نبيل زمّيط، بأداء أغنية من كلمات اللقاني لم تكن في برنامج الحفل، وهي أغنية طريفة عنوانها «غرام في اعتصام». أغاني المحنوش! ومن ألحانه، انتقل المطرب حسن الدهماني الى أغاني صديق دربه، كما جاء على حدّ تعبيره، الشاعر الغنائي حبيب المحنوش، فغنّى له أغنية قال عنها الدهماني مخاطبا جمهوره «آمل أن تعجبكم»، هذه الأغنية هي أغنية «وعدا يا زمان»، وقد أعجبت فعلا الجمهور الحاضر، ب«النجمة الزهراء»، إلا أن من يدقّق جيدا في لحن هذه الأغنية، خاصة مطلعها، دون وعي أو دون قصد يستحضر ضرورة أغنية «حبّك عجب» للمطربة التونسية الراحلة ذكرى محمد، فالتشابه كلي ولولا أن اللحن، يتغيّر في منتصف الأغنية، لقيل إن كلمات «وعدا يا زمان» مركبة على لحن أغنية «حبّك عجب». وحتى لحن أغنية «طير بيها» الموالية، لنفس الشاعر والملحّن، كانت في اللون الذي يميل إليه المطرب حسن الدهماني «الدّبكة». «مولاتي» وتجدر الاشارة الى أن الجمهور تفاعل مع أداء المطرب حسن الدهماني، ومع تميّز صوته، وكان التفاعل حاضرا كذلك في أغنية «مولاتي» (كلمات الجليدي العويني، وألحان سمير العقربي)، ويبدو أن التفاعل، لم يكن نتيجة حسن الأداء فحسب، وإنما لعودة الأغنية الى مجراها الصحيح دون التغييرات التي أضفاها المحنوش عليها سابقا في توزيع هذه الأغنية وشاهدها عديد التونسيين على قناة «حنبعل» في برنامج «شارع الحرية» ذات مساء غير بعيد لكنه قبل الثورة. من سيّد مكّاوي الى الجويني وبالاضافة الى أغانيه الخاصة، اختار الفنان حسن الدهماني أن يقدم في ما تبقّى من حفله باقة من الأغاني الطربية القديمة، استهلها بأغنية «الأرض تتكلّم عربي» للفنان المصري الراحل سيّد مكاوي، وأردفها بأغنية «دخيلك شو عملت بقلبي» للفنان ملحم بركات. واختار الدهماني أن يكون مسك ختام حفله بأغاني تونسية، فغنّى «يا شاغلة بالي» للفنان علي الرياحي، وغنّى للفنان الصادق ثريّا أغنية «كي يضيق بيك الدهر يا مزيانة»، ليختم الحفل بأغنية «هذي غناية جديدة» للفنان الهادي الجويني، برفقة ابنيه لتكتمل احتفالية الفنان حسن الدهماني، في حفله ب«ليالي قرطاج».