إقبال قياسي على لحوم الدواجن في عيد الأضحى بتونس    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    المنتخب البرتغالي يتأهل لنهائي رابطة الأمم الأوروبية بثنائية في مرمى نظيره الألماني    بطولة رولان غاروس: ديوكوفيتش يفوز على زفيريف ويضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    كأس العالم للأندية: تشيلسي يعزز خياراته الهجومية إستعدادا لمواجهة الترجي الرياضي    كأس العالم للأندية : إنزاغي المدرب الجديد للهلال    حيلة مجنونة لشابين.. حضرا نهائي دوري أبطال أوروبا دون تذاكر    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    عاجل/ أمطار منتظرة عشية اليوم بهذه الولايات..    مدنين: إحباط عملية تهريب هواتف جوالة بقيمة تقارب 700 ألف دينار    مشهد مهيب.. الحجاج على جبل عرفة (فيديو وصور)    معدات طبية جديدة تعزز خدمات مستشفى بن عروس    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    في يوم عرفة: الصحة السعودية تؤكد على الحجاج استخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    زلزال بقوة 5.0 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    "لسان بايدن" تنقلب عليه لتكشف عن فضيحة    ترامب يحظر على الطلاب الأجانب الدراسة في جامعة هارفارد لمدة 6 أشهر    مسيرات حماس تعود للتحليق.. تهديد جديد يُربك الجيش الإسرائيلي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    على عرفات: ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم    كسوة الكعبة..أغلى كسوة فى العالم تصنع من الذهب الخالص والفضة والحرير..وهذه تكلفتها..    وزارة الدفاع الليبية ترحب بترتيبات "المنفي" لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وجهاز الردع يدعم المبادرة    في تونس، السفير الإيطالي يحتفل بعيد الجمهورية ويدعو إلى شراكة متوسطية أقوى    بدء تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    أخصائية في التغذية ل«الشروق»...نصائح لتفادي الأخطاء الغذائية!    تونس والدنمارك: شراكة استراتيجية تتعزز بفتح سفارة جديدة في تونس    عاجل:روعة التليلي تهدي تونس الذهبية الثانية في ملتقى الجائزة الكبرى للبارا ألعاب القوى بباريس    بن عروس: تشديد الرقابة الاقتصاديّة على محلات بيع اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى    الصوناد توصي بترشيد إستهلاك المياه يوم العيد    البنك المركزي يدعو لتأمين استمرارية عمليات السحب من الموزّعات خلال العيد    رواية "مدينة النساء" للروائي التونسي الأمين السعيدي.. يوتوبيا مضادة في مواجهة خراب الذكورة    السيارات الشعبية في تونس: شروط الشراء، مدة الانتظار، وعدد السيارات المورّدة سنويًا    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    منوبة: بلدية هذه المعتمدية تُعلن عن موعد رفع الفضلات والجلود بمناسبة عيد الأضحى 2025    من 28 جوان إلى 8 جويلية 2025: برنامج الدّورة 49 لمهرجان دقة الدّولي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    مجلس وزاري مضيّق يتخذ هذا الاجراء..#خبر_عاجل    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة في تونس وما وراء الحدث السياسي
نشر في الصباح يوم 09 - 08 - 2009

لئن تبدو الانتخابات الرئاسية والتشريعية موعدا دوريّا يعبّر فيه المواطن على رغبته في اختيار من يحقّق طموحاته ويسهر على النهوض بمستوى اهتماماته ومستوى عيشه،
ولئن تبدو هذه الانتخابات استحقاقا رئيسيّا للمنهج الدّيمقراطي بلا منازع وفرصة للأحزاب السياسية حتى تبلور مستوى تمثيليّتها لدى الجماهير وقدرتها على استقطاب الأصوات وتعبئة القوى المساندة لها حتى تكرّس على أرض الواقع رؤاها وخياراتها المجتمعيّة من خلال ممارستها مسؤولية القيادة السياسية، ولئن تبدو الانتخابات أيضا مظهرا جوهريّا من مظاهر الرقيّ الحضاري والتطوّر الاجتماعي والسموّ الأخلاقي للمجموعة الوطنية من خلال التعبير على قدرتها على التعايش والتواصل والتناظر الفكري في كنف احترام اختلاف الرّأي والرّأي الآخر، ولئن تبدو الانتخابات أيضا الوسيلة التي تكاد تكون الوحيدة في الأنظمة الدّيمقراطيّة المعاصرة التي بها تكتسب شرعيّة تمثيل الأغلبيّة وحماية حقوق الأقليّة التي لا تشاطرها الرّأي في كيفيّة شقّ طريق النهوض الاجتماعي والتطوّر الاقتصادي والثقافي والحضاري، ولئن تبدو الانتخابات بالإضافة إلى كل هذا فرصة فريدة من نوعها ووسيلة مثلى للتناوب على دواليب الحكم خدمة لمستقبل المجموعة الوطنية ودفاعا على المصالح العليا للبلاد، في تواصل لبناء حضاري يستدعي مجهودات أجيال تلو أجيال باختلاف رؤاها وتنوّع فلسفتها في السموّ بهذا البناء إلى أعلى المراتب، ولئن تبدو الانتخابات بالتوازي مع هذه المدلولات فصلا مميّزا من فصول اللّعبة الدّيمقراطيّة تتفتّق فيه المواهب وتعرض فيه البرامج وتقيّم فيه التجارب ويكون فيه للمواطن البسيط حقّ الاختيار المتفرّد وواجب ومسؤوليّة تحمّل تبعات الاختيار، حينئذ فلئن تبدو الانتخابات كل هذا وذاك في آن واحد فإنها في المقابل لا يمكن أن تختزل فقط في مجرّد عمليّة حسابيّة كميّة تكون فيها الغلبة لكل من ثقلت موازينه ولو بذرّة ميزانها ميزان ذرّة خردل مقارنة بموازين من قارعه وقابله في المنافسة الانتخابيّة.
إنّها وإن كانت حدثا سياسيّا وشعبيّا واجتماعيّا مميّزا في كل عملية ديمقراطيّة، تبقى الانتخابات قيمة حضارية ميزانها وجوهر ثقلها انعكاساتها الإيجابيّة على مستوى مدلولاتها النوعيّة، فليست العبرة بالضرورة في عدد من ترشّح للانتخابات أو نسبة من أدلى بصوته مقارنة بمن له الحق في ذلك (مع ما لهذه التفاصيل من أهمية عند المحللين السياسيين)، بقدر ما تكمن في التوازن المنشود على مستوى الكيف أي على مستوى نسبة هؤلاء على اختلاف تواجدهم كأطياف متعدّدة الألوان، في قوس قزح المجموعة المنتخبة شبابا وشيبا، نساءا ورجالا، متعلّمين وجدّ متعلّمين وغير متعلمين، مثقّفين وبسيطي الثقافة السياسية أو العلميّة أو الاجتماعيّة مع أنهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. فالانتخابات عنوان بارز من عناوين المواطنة في أسمى معانيها، يكمن سرّ تفرّدها في تأثيرها في ذات الحين، في العقل وفي الوجدان، فاختيار من يمثّلنا وينطق باسمنا وقد يحدّد مصيرنا باختياراته في المستقبل وبطرق تصرّفه في طاقاتنا الوطنية والذاتية لا يمكن إلا أن ينبع من علاقة يختلط فيها الإحساس بالمنطق بين من تأتمنه على مصيرنا مستقبلنا وبيننا، على أساس قناعة بتوازن ليس مستساغا تحقيقه دائما بين قدرات وشخص من يقع عليه الاختيار، وهو ما يعطي العملية الانتخابية صيغتها الخصوصية على المستويات الاجتماعية والسياسية، مما عادة ما يكون له انعكاس وتبلور في مقامها على المستوى القانوني، حيث عادة ما تصنّف الانتخابات على أنها عملية ترتقي إلى مستوى مقام القانون الدستوري، هذا الدستور الذي يعبّر على القيم المشتركة والخيارات المتّفق عليها بين كل أفراد المجموعة الوطنية.
أمّا وبالعود إلى تحليل وتقييم تموقع العمليّة الانتخابيّة والمفهوم الانتخابي في تونس التغيير كبلد وقع الخيار فيه على الديمقراطية منهج حكم ومرجعيّة ممارسة لذات الحكم، لا رجعة فيهما، فإنّ ما ستعيشه بلادنا في الأشهر القليلة القادمة من حركيّة سياسية سيكون محورها ما تختزنه القوى الحيّة في البلاد من قدرة على إثبات نضجها الفكري والسياسي والاجتماعي وعلى استيعاب معاني الدّيمقراطية وذلك بمناسبة الفرصة التي ستوفّرها الحملة الانتخابية القادمة على مستوى الانتخابات الرئاسية وأيضا التشريعية ليؤكّد التونسي أنه جدير فعلا بحياة سياسية متطوّرة تعطي المؤسسات الديمقراطية مكانتها وتعطي حق التعبير الحر والمسؤول والحق في الاختلاف في الرأي ومقابلته بالرّأي المخالف، تكون فيه تونس الغد أكبر مستفيد لأن الممارسة الديمقراطيّة ترتقي في مفهومها الأسمى فوق مستوى مجرّد اقترانها بمن سيعبّر عنها بالمعنى الشخصي ذلك أنّ الأشخاص مهما بلغت أهميّة تأثيرهم على الأحداث في وقت ما وفي محيط ما، هم في نهاية الأمر حاملو رسالة تتجاوز مستوى أدائها وتلك طبيعة الممارسة الديمقراطية، تأتي بشخوص سياسية لها من الميزة والخصوصيات الذاتية ما يمكّنها من ترك بصماتها جليّة حين تتحمّل المسؤوليّة، كما أنّ نفس هذه الممارسة الديمقراطيّة وذلك بمناسبة الانتخابات، قد تأتي بمن لا تتوفّر فيهم الشروط الدّنيا ليفرضوا أنفسهم على الأحداث وليوازوا في موازنتهم، بين ثقل التكليف وضخامة التشريف في المسؤوليّة، وليس في ذلك غرابة، فتلك هي أبجديّات اللّعبة الديمقراطيّة. ولأجل ذلك ومن هذا المنطلق، تبقى العبرة في اعتناق المنهج الديمقراطي باحترام مقوّمات هذا المنهج في تجاوز لمن يوكل لهم في وقت ما وفي ظرف ما تشخيص ذات المنهج الديمقراطي.
ولاشكّ ولا اختلاف في أنّ العمليّة الديمقراطية، حتى وإن كانت تنبني بالأساس على لعبة الانتخابات، فإنّها لا تتحمّل التطفّل على مسؤوليّات سامية مثل مسؤوليّة التعهد بقيادة شعب بحاله مدّة خمس سنوات وتمثيل كل فئات هذا الشعب في إطار المجلس النيابي، وهو ما يستدعي تمرّسا وتجربة وحنكة وبعد نظر وقدرة على استيعاب الأحداث، حلوها ومرّها، بل وأيضا على استشرافها.
وهنا لا يبقى من الرّجاء إلا ما يستحقّ ذكره وهو أن تكون الانتخابات القادمة فرصة أخرى لتونس حتى تتمرّس كبلد وشعب ومجتمع مدني بما في ذلك الأحزاب السياسيّة على اللّعبة الديمقراطيّة، فتكون موعدا يتنافس فيه المتنافسون على مبدإ أنّ النجاح حليف من له من الأفكار والبرامج ما يؤهّله ليفوز بثقة الشعب أوّلا وأخيرا. ولمثل هذا نقول، فليتنافس المتنافسون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.