السياسة الامريكية.... ثوب خِيَط على مقاس البيض فلا هي قادرة على احتواء السود ولا السود سعوا لأن يكونوا جزءا منها.. تحوّل البيت الأبيض إلى مزرعة خاصة للبيض ووضع السود في حديقتها الخلفية.. لكن الحزب الديمقراطي كان له لون «أسود» ناصع.. مكّن أوباما من «فيزا».. لدخول البيت الأبيض فأعلن باراك، القَصْرَ.. ملكا مشاعا لكافة الأمريكيين.. * * * * * قرر أوباما الترشح للرئاسية.. فانتفض الحرس القديم للديمقراطيين.. استغرب «النازيون» الجدد.. فحاولوا اغتياله.. استنكف الجمهوريون... فشهّروا بلونه وأصوله.. شنت هيلاري حملة «ديمقراطية» ضده.. لكن حصان أوباما كان الأسرع في السباق.. اتهم ب«المسلم المتخفي».. فازدادت شعبيته.. وصف الجمهوريون ترشحه ب«الخطإ».. فاعتبره المراقبون «إنجازا تاريخيا».. راهنوا على ذوق الأمريكيين فاختار الشعب، أوباما زعيما.. * * * * * التاريخ الامريكي... مجموعة أحداث هوليودية.. رفض لينكولن العبودية.. فأحيل على الموت قسرا.. يعدّل الدستور في 1865... فيصعد رئيس أسود سنة 2009.. يخلط ريغان عجينة السلطة في الثمانينات فيقوى عود المحافظين.. ويبرز صقور الجمهوريين يتراجع الديمقراطيون.. وتتآكل الليبرالية.. حاول بيل كلينتون تعديل الأوتار لكن آلات الحزب الديمقراطي.. شاخت وهرمت.. تُضْربُ السفارة الأمريكية في كينيا.. فيكون الرئيس الأمريكي الجديد.. من أصل كيني.. * * * * * اقتحم أوباما السياسة بسرعة الحروب الأمريكية الخاطفة.. لم يتتلمذ على نيكسون.. لكنه تعلم على «الشيخ» بريجنسكي.. استخدم قدرته الخطابية وجذوره الافريقية.. المنفتحة. ونهجه اللّيبرالي.. الميّال ليسار الوسط.. واللحظة الأمريكية... المرتبكة.. وعطفه على الفقراء.. الذين اتسعت رقعتهم في بلاد «العم سام».. وعزمه «الهروب» من العراق.. وبحثه عن نصر.. في بلاد «القاعدة».. وطلاقه «غير البيّن».. مع سياسة الجمهوريين.. فحاز على ثقة شعب... ميّال للوعود... واستعمال الأقراص المهدّئة.. * * * * * أن تكون رئيسا للولايات المتحدة.. يعني.. أن تكون منسجما مع كل المواقف.. إلا موقفك وأن تكون إسرائيل.. أحب إليك من نفسك وأن تنظر للعرب.. في ذيل القائمة دائما.. وأن تكون ال«أف-بي-أي».. على يمينك وال«سي-أي-أي» على شمالك.. والرأي العام أمامك... والاعلام من ورائك.. وأن تتقن فن الإستحواذ على مقدرات الشعوب وأن تجيد لعبة الدفاع عن الأمن القومي الأميركي.. الذي يبلغ مداه.. القارات الأربع.. وأن تبيع الكلام الجميل.. في النهار.. وتأتي نقيضه.. من الغد.. تحت عنوان «السياسة الشفافة» والعالم الحرّ.. * * * * * الشرق الأوسط... في السياسة الامريكية. معزوفة في كونسرفاتوار.. بنوتة عبرية.. إسرائيل.. تخطط ل«سلامها» مع العرب.. وأمريكا تفاوض.. من أجل معادلة جديدة لشرق أوسط... إسرائيلي.. لا فرق بين الأب المبجّل.. والإبن المدلل.. كلاهما يشتركان.. في صيغة التفضيل.. برعت أمريكا في التخطيط ومهرت إسرائيل... في الزندقة السياسية تقترب واشنطن.. من حلّ الدولتين فتجيب تل أبيب... الأضداد لا يتقابلان * * * * * تعلم أوباما التجارة... بوصفها سياسة إرضاء الزبون فأظهرت له إسرائيل.. أن السياسة.. تجارة بالزبائن.. والفلسطينيون... في الفكر الاسرائيلي زبائن في تجارة أمريكية يميل ميزانها للعجز.. وأوباما.. بالنسبة لتل أبيب.. تاجر.. من دون زبائن.. وسياسي.. بزبائن جيوبهم فارغة.. * * * * * لعبة إرضاء تل أبيب... رياضة أمريكية أصيلة.. مارسها جميع من تزعم البيت الأبيض ويبدو أوباما.. الأكثر إتقانا لها.. صرح بأن القدس... متروكة للمفاوضات لكنه عاد ليقول... إنها حق إسرائيل.. انتقد العنف المسلط على الفلسطينيين ثم ما لبث أن أعلن مسؤوليته عن أمن تل أبيب.. طالب نتنياهو بالكف عن بناء المستوطنات لكنه وضع شرطا لذلك: التطبيع مع اسرائيل.. يتحدث عن «الدولة الفلسطينية».. ويعتبر يهودية «الدولة العبرية»... أجندة أمريكية صميمة.. يدعو الى ضرورة التفاوض مع سوريا.. لكنه يضغط على دمشق.. للقبول بالشروط الاسرائيلية. المشكل في العقل السياسي الاوبامي عدم استيعابه للدرس الأكاديمي الاسرائيلي المعنون: قل ما شئت... ونحن نفعل ما نشاء».. والنتيجة.. «الشرق الاوسط».. ساحة أمريكية بتصميم هندسي إسرائيلي وعمال من «العالم» العربي... * * * * * أدرك أوباما أن الحزب الديمقراطي شرايين تفتقر لبعض الدماء فزرع بعض الكريات الحمراء بين ثناياها.. عوّل على جاذبيته الخطابية.. بلسان أسود وعلى رؤيته الليبرالية.. ضد هيلاري «المحافظة» مال لدعاة السلم... في مواجهة «أمراء الحرب» الامريكيين تبنى سياسة لنكولن... لكنه لم يقطع مع «الكلينتونية».. قطع مع «أثرياء» الحزب الديمقراطي.. فوجد نفسه أمام استحقاقات الشباب المسحوق.. فهو اليوم.. بين مطرقة «أحلامه المفقودة».. وسندان النخب الصاعدة في «الجمهوري» و«الديمقراطي»..