هو سلام مصلوب ومصاب بشتّى العلل والهنات، ذاك الذي ترنو إليه الولاياتالمتحدةالامريكية. من سخريات القدر، أن «اسرائيل» القائمة بالمشروع الاستعماري، صاحبة السجل الاسود في مجال الاستعمار الاستيطاني البغيض، هي التي تطلب الحاجة الى ضمانات أمنية وضمانات مالية... وفي المرة القادمة، لمَ لا، سوف يُطلب لها ضمانات تاريخية في تزوير التاريخ على الأرض بعد أن تمكّنت من تزوير الجغرافيا! هكذا يحلو لإدارة أوباما، مثله في ذلك مثل بوش (الجمهوري) وكلينتون (الديمقراطي) أن يتصرف. فبالنسبة «لاسرائيل» يستوي أمر الحزبين الامريكيين المتداولين على البيت الأبيض: لا شيء يتغيّر، فهي الحليف العضوي، والحليف الاستراتيجي، الذي يزداد تفوّقه كلّما كان للامبريالية الامريكية مأزق... فبعد حرب الخليج 1991، كان لابد للولايات المتحدةالأمريكية وهي تنقضّ انقضاضا على آبار النفط، وتلغي القطب الثاني من معادلة الثنائية الدولية، أن تقحم العرب المهزومين بفعل الحرب والسيطرة النهائية للشركات الاحتكارية (الأمريكية أساسا) على مخزون النفط العالمي في الخليج، كان لا بدّ أن تقحمهم في بوتقة المفاوضات مع اسرائيل، وهي تعرف جيدا أن «اسرائيل» هي الطرف الوحيد المنتصر في العالم، إن من التحولات الكبرى أو من الحرب الثلاثينية التي لم تدخلها. بالمقابل كان لا بدّ للولايات المتحدةالأمريكية راعية «إسرائيل» ما بعد العدوان الثلاثي (1956) الى اليوم، أن ترضي الحليف ورأس الحربة في المنطقة، بأن أمضى بوش على صكّ الضمانات الأمريكية المالية التي بلغت عشرة مليارات دولار.. وذلك حتى تقتنع اسرائيل بجدوى الجلوس مع العرب على طاولة مدريد! كان ذلك سنة 1991، أما اليوم، فإننا نرى السيناريو نفسه يتكرّر في حقّ العرب وفي حقّ القضية الفلسطينية، ولكن عبر حيثيات أسوأ.. وأهداف مفقودة.. الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم، وفي ظل إدارة أخرى، ظنّ الجاهلون بكُنْه السياسة الأمريكية أنها الى تغيير نوعي تسير، ها هي تحاول وتعيد المحاولة، من أجل إرضاء «إسرائيل» بأن أعلنت أمس الأول وزارة خارجيتها في واشنطن، أنها مستعدّة لإعطاء ضمانات أمنية مكتوبة لاسرائيل، من أجل أن تقبل «تل أبيب» بتجميد الاستيطان لمدّة ثلاثة أشهر فقط... بقي أنه ما بين التاريخين 1991 و2010، ضاعت فلسطين القضية، وساد الكذب والنفاق الدوليان، لتخرج «اسرائيل» مرّة أخرى،كرابح أكبر... المجتمع الدولي الذي أنتج دولة «اسرائيل» من رَحم الاستعمار، يقف اليوم عاجزا أمام سلام... أصرّت «اسرائيل» وحليفتها الولاياتالمتحدةالامريكية على صلبه... هذا ما يقدّمه لنا، كعرب، الرئيس الامريكي أوباما... سلام مصلوب...