تونس - الصباح: يبدو أن الموازين انقلبت اليوم لتنقلب معها الادوار خاصة مع دخول العنف ضد الرجل من بابه الكبير في بعض المجتمعات العربية لتتلاشى بذلك ثقافة «سي السيد» ويصبح الرجل الذي كان مثالا للقوة والسيطرة على المرأة مضطهدا في ظل هيمنة ثقافة العنف لدى المرأة. 10% من النساء المتزوجات في تونس يعتدين بالضرب على أزواجهن و30% منهن يعتدين عليهم بالعنف اللفظي وذلك طبقا لدراسة اجتماعية حول العنف بين الأزواج في تونس ليتأكد بذلك تفشي هذه الظاهرة التي اعتبرها البعض دخيلة عن المجتمع التونسي. ملجأ من نوع خاص لم يعد تعنيف الرجل اليوم في تونس قائما خلف أبواب مغلقة لينشئ بذلك السيد العربي بن علي الفيتوري سنة 2002 ملجأ من نوع خاص يحتضن فيه الرجال الهاربون من بطش زوجاتهم وذاك نتيجة تجربة ذاتية مربها ليقرر في آخر المطاف انشاء هذا الملجأ. يؤكد السيد العربي الفيتوري ان الرجال الذين يلجؤون اليه عادة ما يتجاوز اعمارهم الخمسين وعادة ما يكون الرجل في هذه السن يبحث عن الهدوء والاستقرار والسكنية ليجد في هذا الملجأ القائم في الضاحية الشمالية للعاصمة وتحديدا في الكرم ملاذا له في ظل تفاقم المشاكل بينه وبين زوجته. كما يوضح السيد العربي أن السبب الرئيسي الذي يجعل الازواج المعنفين يلجؤون اليه هو تفاقم المشاكل وسوء التفاهم بين الطرفين وعدم قدرة البعض منهم على التحمل خاصة أنهم في سن حرجة فيحاولون الهروب الى الملجإ لتجاوز مشاكل لا يقدرون على مجابهتها. ضغوطات نفسية مما لا شك فيه ان ظاهرة تعنيف الرجال ظاهرة تهدد تماسك الاسر، وقد تكون ضغوطات الحياة اليومية والتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع منها ظاهرة تسلط المرأة، من العوامل المؤدية اليه دون التغافل عن ازدياد التوتر في العلاقة بين الزوجين وغياب قنوات التواصل والحوار بينهم. وفي هذا الاطار يؤكد الدكتور عماد الرفيق اخصائي في علم النفس ان المرأة المعنفة لزوجها تعيش ضغطا كبيرا او حالة اكتئاب وتوتر نفسي شديد ما يوصلها الى درجة تعنيف زوجها، فالزوجة ان كانت تعيش في جو هادئ ومستقر لا تصل الى هذه المرحلة. ويرجع الدكتور عماد اسباب هذا التوتر الذي يؤدي الى العنف الى ظروف مادية صعبة او مشاكل عائلية او ضغط متواصل المدى مما يولد شبه انفجار نفساني داخل المرأة. ثم ان العوامل التربوية من العوامل الاساسية التي تدفع بالمرأة الى تعنيف زوجها، فالزوجة التي نشأت في بيئة تدعم ثقافة الضرب تكون هذه الثقافة موروثة بداخلها ويكون العنف في ذاك الوقت حالة عادية وتعتبرها وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس لتنعدم بذلك اساليب الحوار بين الطرفين ويكون العنف لغة الحوار الوحيد. رأي علم الاجتماع لم يعد الرجل اذن مثالا للسيطرة وبسط النفوذ ولم تعد المرأة تهابه او تخشاه لتختلط وتتداخل الادوار بينهم ويصبح الرجل معنفا بعد ان كانت ثقافة العنف حكرا عليه. وفي هذا السياق يؤكد الدكتور بلعيد أولاد عبد اللّه باحث في علم الاجتماع ان ظاهرة تعنيف الزوجة لزوجها وان كانت موجودة لا يمكن اعتبارها ظاهرة متفشية. ويرجح اقدام المرأة على تعنيف زوجها الى اسباب مرضية بالاساس نتيجة معاناة الزوجة من بعض المشاكل النفسية التي تحول سلوكها الى امرأة عنيفة مؤكدا ان مصدر هذه السلوكيات هي تلك الضغوطات التي تعيشها المرأة في العمل والشارع ليكون الزوج بذلك مجالا لرد الفعل. ويبين الدكتور بلعيد ان هناك عوامل وراثية بالاساس لها علاقة بالبنية الاجتماعية تدفع بالمرأة الى العنف خاصة اذا كانت المرأة تريد اثبات ذاتها والسيطرة على الرجل لينتهي بذلك الى عنف متبادل بينها وبين زوجها. فيلم وثائقي ظاهرة تعنيف المرأة لزوجها في تونس ووجود ملجإ من نوع خاص يأوي المضطهدين والمقهورين من الرجال جعل المخرج التونسي فخرالدين سراولية يرصد هذه الظاهرة حيث انتهى مؤخرا من تصوير اول شريط وثائقي يحمل عنوان «الملجأ»، مدته 26 دقيقة وتدور احداث هذا الشريط حول قصة 5 شبان تونسيين تعرف عليهم في ملجإ الرجال المضطهدين في مدينة الكرم موضحا ان الهدف الاساسي من هذا العمل هو ابراز الآثار النفسية للرجال المعنفين.