تونس الصباح تمثل السيارة الوجاهة الاجتماعية التي تسعى الاغلبية الى اقتنائها، وان لا يفضل البعض انتظار شركات الوكالة للحصول على سيارة شعبية او الالتجاء لشركات الايجار المالي فان البعض الآخر يحبذ التوجه للسوق الاسبوعية للسيارات لعله يعثر على ضالته في الحصول على الثمن المناسب والمواصفات المطلوبة. وتستقبل السوق الاسبوعية بالمروج منذ بداية الصيف ما بين 1700 و200 سيارة اسبوعيا من كل الولايات مع العلم ان عدد السيارات المعروضة شهد تقلصا بنسبة 40% حسب ما اكده لنا مسؤول من الوكالة البلدية للتصرف الذي برره بفرضية انخفاض السيارات المعروضة من طرف الجالية التونسية، بالخارج. رغم تقلص السيارات المعروضة للبيع بالسوق الاسبوعية بالمروج التي تنتصب كل يوم احد منذ الساعات الاولى من الصباح، تبقى من الاسواق الاهم بالجمهورية من حيث حجم المعاملات التجارية، وتقع هذه السوق على الطريق الرابطة بين الكبارية والمروج اذ تستقطب الالاف من الراغبين في الحصول على سيارة، ويمتد عمر سوق السيارات الى اكثر من 30 سنة ويرجع التأسيس الى بداية السبعينات حيث كانت في نهج مدريد ثم انتقلت في مرحلة لاحقة الى شارع محمد الخامس لتحط الرحال ومنذ عشر سنوات تقريبا الى منطقة المروج. لكن الزائر الى هذه السوق يلحظ افتقادها الى بعض الشروط الاساسية لضمان سير المعاملات المالية والاجراءات القانونية التي تجنب «الشاري» السقوط في عملية النصب والاحتيال المختلفة. الحيلة وسيلة للكسب ومن الناحية التنظيمية ورغم حصول الجهات المسؤولة عن سوق السيارات بالمروج على مبالغ هامة مقابل الانتصاب ووقوف السيارات المعروضة للبيع الذي يتراوح ما بين 5 دنانير و12 دينارا حسب حجم العربة. الا ان المكان يعاني من التهميش وعدم النظام بافتقاده الى ممرات تسهل عمليات المرور داخل السوق فمن الضروري تهيئة مكان مخصص للسوق تتوفر فيه كل المقومات الضرورية من اجل الرقي بالعملية التجارية بين الطرفين اي «البائع» و«الشاري» في احسن الظروف ما من شأنه ان يدعم المردودية الاقتصادية للسوق التي تبقى في حالة ماسة الى تدخلات تنظيمية والتفطن الى الثغرات الموجوده التي يمكن ان تشكل عديد الاشكاليات من بينها عمليات التحيل التي لا تخلو منها اي سوق وكأي عملية تجارية تستقطب ممن يتخذون الحيلة والمكر وسيلة للكسب وهذا ما اكده «علي» احد الزوار الذين ذاقوا «قهر» النصب فيقول «انه بعد اقتناء سيارة بشهر اكتشف انها تشكو عديد النقائص حتى انه تم التلاعب بعمر المحرك» واضاف انه رجع لعله يعثر على صاحب السيارة الاصلي لكن دون جدوى. «القشارة وطرقهم الملتوية» اما «نبيل» التقيناه داخل السوق وهواحد «القشارة» يقول «ان ما يعقد العملية التجارية بسوق السيارات هو تزايد عدد «القشارة» بطريقة عشوائية وغير منظمة وكل واحد منهم يدعي انه يملك السيارة الافضل والانسب من حيث الجودة والثمن» ويضيف «في الحقيقة فان جل القشارة «عصابة» يعملون سويا لارباك «الشاري» بتقديم عديد الاراء حول السيارة التي يسأل عنها الشاري قصد اقتنائها، ويضيف «ان اغلب السيارات يتم بيعها منذ الصباح وبعد ذلك يقع الرفع في ثمنها». ومن جهة اخرى قال محمد علي انه متخوف من الوقوع في عملية تحيل باقتنائه سيارة لانه كثيرا ما سمع عن هذه الممارسات ولذلك جاء الى السوق رفقة «ميكانيكي» قصد تقديم النصيحة وان كانت مقابل 50 دينارا ويضيف «ان القشارة يسعون الى رفع ثمن السيارة الى ارقام جنونية احيانا لافساد عملية البيع وبالتالي يتحول الشاري بعد ذلك الى فريسة سهلة الاصطياد». ويعمل اغلب القشارة داخل سوق السيارات الى البحث على عديد الطرق الملتوية لتقديم السيارة في احسن احوالها وكأنها الفرصة التي لا يمكن ان تعاد مرة اخرى رغم انها قديمة وعدادها الاصلي فيه مآت الاف الكيلمترات وبلمسة سحرية في احدى ورشات «الطولة والدهينة» ليجعلها في ابهى صورة لاصلاح وتقويم اجزاء السيارة المعوجة والمهترئة، وتتجاوز عملية «التجميل» هذه احيانا الى التلاعب بمكونات السيارة وذلك من خلال تغيير المعطيات الاصلية للعداد بما يسمى «Curtago» اي للتغيير في المسافة المقطوعة للسيارة بالتخفيض فيها بغية ابراز انها مازالت جديدة. امين مال السوق وبالتالي ولتجنب مثل هذه الممارسات يقع تعيين امين السوق الاسبوعية للسيارات من قبل الولاية هذا ما اكده لنا مسؤول من الوكالة البلدية للتصرف ويقوم الامين بدور مهم في الدفاع عن «الشاري» من خلال التثبت من الاوراق المصاحبة للسيارة ووضعيتها المالية لدى البنوك وشركات الايجار المالي ويساعد على تشخيص السيارة وابرام عقود البيع فوريا وعلى عين المكان. كما يضع السوق ثلاثة وسطاء مرخص لهم من قبل الاطراف المسؤولة على سوق السيارات ويقع تحديد رخصهم كل ستة اشهر. اذ يطالب بعض الوسطاء الى ضرورة توفير لجان تشخيص يشرف عليها خبراء في ميكانيك السيارات وتتم عملية الفحص «بالدار الام» للسيارة، الى جانب ضرورة مراقبة السوق من المتطفلين الذين تستهويهم عمليات البيع والشراء بالسوق نظرا للاموال الوفيرة والارباح التي تدرها العمليات التجارية لبيع السيارات. فاقتصاد السوق المنفتح يتطلب دقة في التخطيط وصرامة في مراقبة العمليات التجارية وجرأة في وضع الاجراءات اللازمة للحد من عمليات التحيل حتى تستطيع هذه السوق لعب دور هام في دفع العجلة الاقتصادية للبلاد وان كانت بنسبة محدودة.