كتبت ذات مرة عن الشركة الجهوية للنقل ببنزرت وقلت آنذاك ان الوضوح غائب في تعاملها مع الحرفاء وأعطيت مثالا على ذلك أنها خصصت لهم حافلة من بنزرت الى تونس مكيفة بالإسم فقط والحال انها اخذت من الحرفاء ثمن تذاكر لحافلة مكيفة ويبدو ان تلك الحالة ليست فريدة من نوعها إذ عشت حالة مثلها يوم الخميس الماضي على الحافلة المتجهة من تونس الى بنزرت على الساعة الرابعة مساء. ففي حين كتب على التذاكر كلمة مكيفة ومثلها باللغة الفرنسية كانت الحافلة عادية مما اضطر الحرفاء الى فتح الشبابيك لعلّ الريح تعوّض المكيف..!! وللأمانة أقول ان الشخص المكلف بالتذاكر أعلمنا مسبّقا بأن الحافلة ليست مكيفة وهذا سلوك جميل وواع.. لكن لماذا لم يكمل جميله ويقتطع للناس تذاكر عادية؟! بمعنى آخر لماذا يدفع الناس ثمن تذاكر مكيفة ويسافرون في حافلة عادية؟!! أتاوة؟! اتصالات تونس مازالت تستعمل في فواتير الهاتف القار عبارات مفهومة وغير مفهومة.. فكلمة «أتاوة» مفهومة لأنها كانت مستعملة بكثرة زمن الإستعمار وغير مفهومة الآن لأن لها ما يرادفها من مصطلحات أسهل وأبلغ في المعنى.. فرجاء وبكل لطف غيّروا هذه الكلمة التي تعني في ما تعني اجبار المواطن على دفع ما لا يريد. مقاه «بالزّاف» ودار ثقافة يتيمة! غير بعيد عن العاصمة يعيش أكثر من 200 الف مواطن موزعين على أحياء تعجّ بالمقاهي إذ تكاد تجد بين المقهى والمقهى مقهى آخر. وعلى سبيل الذكر فقط أحصيت 7 مقاه في شارع لا يزيد طوله عن 300 متر.. هذه الأحياء توجد فيها، متجمعة، دار شباب وثقافة يتيمة فماذا ننتظر من شباب لا يجد أين يمضي وقته غير المقاهي؟! وهل بعد ذلك نتعجب عندما لا نسمع منه الا ما تعلّم في المقاهي؟! هل السرقة أفضل؟ هو شاب وطالب في الجامعة اختار نهج التعويل على الذات ونبذ التواكل فصار يتجوّل بين الأسواق الأسبوعية ليبيع ما تيسّر من سلاّت البلاستيك ب 50 مليما للواحدة.. هو لا يرتاح مثل غيره في الصيف لأنه لن يجد عند العودة الجامعية من يعطيه ثمن ما يلزمه.. وعوض أن نشجعه فإن البعض اختار أن يضع العصا في العجلة وربّما يشجعه على السرقة أو أشياء أخرى.. فقد وجد نفسه ذات مرّة بلا بضاعة بعد ان حجزت منه بدعوى ان «القانون يمنع»!! فليت هذا القانون يرى تجاوزات أخرى أفظع من أن يبيع طالب بعض «السّاشيات»! الكتاب و«الروبافيكيا» الكتاب في هذا الزمن الوغد «طاح قدرو» وصار يباع على أرصفة الشوارع وبأبخس الأثمان.. فبدينار واحد يمكن لك ان تشتري كتابا تاريخيا أو كتاب رياضيات أو كتابا لعميد الأدباء نجيب محفوظ.. فهو أرخص بكثير إذن من «سندويتش» فارغ على «أخيب» شاطىء في البلاد لأن دينارك في هذه الشواطىء لم يعد قادرا على شراء «عظمة وربع خبز» في هذه الشواطىء.. أما إذا وجهت عينك الى «الروبافيكيا» وخاصة ما يسمى منها كذبا «رفيع» فإنه يلزمك 10 من نجيب محفوظ و5 من طه حسين و100 من الصغير أولاد أحمد و10000 من محمّد السبوعي لتشتري قطعة واحدة من «الرفيع»!! تعطيلات المشهد يتكرر باستمرار.. جرّار البلدية «يحوّس» في وضع النهار.. وعمال رفع الفواضل يعملون على أقل من مهلهم.. وراء الجرّار حافلات وسيارات وخنّار.. المعروف أن الفواضل ترفع في الليل وفي أوقات معينة حددتها كل بلدية.. والأغرب أن بعض رؤساء البلديات نشروا بلاغات يهددون فيها المواطن الذي لا يقوم بإخراج الفواضل في الوقت المحدد بالعقوبات.. فماذا لو طبقت بعض البلديات قوانينها على نفسها فعاقبت نفسها بنفسها؟! هل رأيتم الآن ان المواطن ليس دائما مخالفا رغم أنه في وضع اتهام على الدوام؟! غريب في نفس الاطار أنجزت قناة 7 تحقيقا حول الضجيج في القيلولة.. ورصدت جرار البلدية بصدد جمع الزبالة سألت منجزة التحقيق العون البلدي عن هذا الضجيج الذي يحدثه الجرّار وعن تشكيات الناس منه فأكد لها ذلك معللا بأن جرّار البلدية بدون بطارية لذلك لا يمكن اقفال محرّكه الى حين جمع الزبالة.. أمر غريب.