احتفلت غرفة الصناعة والتجارة التونسية الالمانية مساء اول امس الجمعة بالذكرى الثلاثين لاحداث المؤسسة من خلال تظاهرة كبرى بالضاحية الشمالية للعاصمة وبحضور عدد كبير من الفعاليات التونسية المهتمة بالتعاون بين تونسوبرلين في مقدمتهم السيد محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي، وسفير ألمانيابتونس ورئيس المعهد الالماني للصناعة والتجارة الدكتور هانس هاينريش دريفتمان (Dr Hans Heinrich Driftmann) الذي يمثل من خلال هذا المعهد الذي يضاهي اتحاد الاعراف في تونس، ما لا يقل عن 3.6 ملايين مؤسسة المانية في الداخل و80 غرفة تجارة وصناعة في الخارج.بمناسبة هذه التظاهرة ورغم ضغط الوقت التقت الصباح بالمسؤول الالماني في حديث حول التعاون بين تونسوألمانيا وآفاقه في هذا الظرف بالذات اي ما بعد الازمة الخانقة التي مرت بها كبريات الاقتصاديات العالمية والتي شملت كذلك بدورها الاقتصاديات الصغرى والمتوسطة. * تتزامن هذه الاحتفالات بالثلاثينية مع احتفالنا في تونس بذكرى السابع من نوفمبر وفي ألمانيا بذكرى انهيار جدار برلين، بما توحي لكم هذه التواريخ الهامة في بلدينا؟ - توحي لي بكثير من الامل والتفاؤل، فمثل هذه الاحداث في تاريخ الشعوب تجعلنا ننظر الى المستقبل بكثير من التفاؤل والامل والعمل على كسب الرهانات. والتعاون بين تونسوألمانيا يعد من النماذج المثالية في هذا المجال، اولا للرغبة الصادقة من الجانبين في توفير كل العوامل الكفيلة بمزيد دفعه، وللتمشي العقلاني الذي يميز هذه العلاقات ما يوفر للمؤسسات في البلدين افضل ظروف العمل والنجاح، ونحن نسعى الى مزيد تكثيف هذه الروابط الاقتصادية بين البلدين لاني واثق بان نجاح واستمرار تطور التعاون بيننا يمكن له ان يقدم افضل صورة على التعاون بين الشمال والجنوب عامة ما يفتح آفاق جديدة واعدة. * على ذكر جدار برلين، من المآخذ التي كانت تؤخذ على الاتحاد الاوروبي وخاصة على ألمانيا الموحدة الانصراف عن "دورها" التاريخي في التعاون مع دول الجنوب لفائدة اوروبا الشرقية، ما اعطى الانطباع بثانوية الرغبة في تاهيل ودعم اقتصاديات الجنوب؟ - ربما كان ذلك صحيحا في وقت من الاوقات، ولكن الذي لا يجب ان يغيب عن ذهن الجميع هو ان تلك الفترة الانتقالية في تقديري وان حدثت فانها كانت من وحي ضغظ الوضع السياسي الحيني، كما انها كانت من الضرورات السياسية الاكيدة، ولكن ذلك لا يعني اختيارا ثابتا، وانا واثق ا ن اي توجه آخر كان سيكون خطا فادحا كما ان التخلي عن التعاون مع دول الجنوب، وتحديدا جنوب اوروبا والمتوسط سيكون كارثة استراتيجية على اوروبا في المقام الاول. واعتقد ان نسق النمو الذي شهده التبادل بين تونسوألمانيا وبين تونس ودول الاتحاد الاوروبي في السنوات القليلة الاخيرة كفيل بالشهادة على صدق هذا التوجه الاستراتيجي والخيار الثابت من قبل كل الاتحاد وخاصة ألمانيا التي تؤمن انه لا مستقبل الا بالتعاون مع شركائنا في الجنوب على غرار شركائنا الاخرين، خاصة في ظرف كالذي نمر به اليوم بعد الازمة الخانقة التي مررنا بها مؤخرا. * على ذكر الازمة ما هي الرؤية التي تحملون كاقتصاديين المان عن تعامل تونس مع الازمة العالمية الاخيرة؟ ان المعطيات المتوفرة والمعلومات التي بحوزتنا تجعلنا متفائلين جدا بما اتخذته تونس من اجراءات وقرارات اولا على الصعيد المالي الذي انطلقت منه شرارة الازمة، ثم على مستوى الاقتصاد الحقيقي من خلال الحوافز والتشجيعات الظرفية والاستثنائية العديدة التي تم اقرارها، وقد بلغتنا اصداء طيبة حتى من قبل بعض المؤسسات العاملة في تونس والتي استفادت بطريقة او باخرى من هذه الاجراءات الهامة، ما يجعلنا نعتقد ان تونس اليوم قادرة على تحقيق الاهداف المرسومة لها في افضل الظروف وفي اقرب الاوقات ما يعد حافزا آخر لنا لمزيد تكثيف التعاون والتبادل مع بلادكم. * تعرضت ألمانيا بدورها الى هذه الهزة العنيفة ولكن يبدو حسب المحللين ان خرجت من دائرة الخطر باخف الاضرار، ما تقييمكم اليوم للوضع وما تقديركم للمستقبل القريب؟ - تشير كل المؤشرات الى ان ألمانيا قد خرجت فعلا من المنحدر الخطير وبدات مرحلة التعافي بسرعة قياسا الى بعض الاجوار الاوروبيين الاخرين، ولكن ذلك لا يعني اننا خرجنا من الدوامة نهائيا، صحيح اننا قد تجاوزنا الازمة، ولكن نحن في المعهد الالماني للصناعة والتجارة نعتقد اننا مقبلون على تحد خطير آخر، ربما تكون آثاره اعمق وانعكاساته اخطرعلى ألمانيا ولكن ايضا على الاتحاد الاوروبي بشكل عام،اقصد هنا التحدي السكاني وتطورالمؤشرات السكانية نحو اتساع قاعدة الترهل السكاني وشيخوخة المجتمع الالماني، مع ما يعني ذلك من آثار وانعكاسات على مستوى الانتاجية والمردودية. * ولكن كيف يمكن في رايكم رفع هذا التحدي القادم الذي يهدد كل اوروبا او اغلبها وليس ألمانيا وحدها؟ - لدي قناعة ثابتة بان التعاون بين الشمال والجنوب، على غرار ما يجمع بين تونسوألمانيا يجب ان يشمل هذا الجانب ايضا، فتونس تزخر بالكفاءات الشابة والطاقات المؤهلة لتقديم الاضافة المطلوبة، خاصة وان عددا كبيرا من الشباب التونسي متكون في ألمانيا، او زاول تعلمه بها، ويعمل اليوم في مؤسسات المانية بتونس او بألمانيا، وهذا الامر يمثل اليوم احد الاسباب الوجيهة التي تفسر اهتمام اعداد متزايدة من المؤسسات الالمانية بتونس، والتونسيين عموما. * انتم لم تتطرقوا الى الموضوع مباشرة ولكني اعتقد انه اذا كان هذا موقفكم كارباب عمل واصحاب مؤسسات اقتصادية في ألمانيا فانكم قد تفتحون الباب وتفسحون المجال لتيارات سياسية مناهضة لهذا التوجه او هذه الفكرة، خاصة التيارات اليمينية في ألمانيا واوروبا للتنديد بكم والتصدي لكم؟ - تقصد مسالة الهجرة؟ اذا كان الامر كذلك فاني لست قلقا بهذا الشان، ذلك انه لدينا القناعة الكافية بعقلانية العلاقات وروح التعاون العالية التي تميز شركاءنا في تونس قصد التصرف والتحكم في هذا الملف بالشكل والطريقة المناسبتين. سليم ضيف الله [email protected] معهد الصناعة والتجارة الالماني * يجبر القانون الالماني كل مؤسسة اقتصادية المانية على الانضمام اليا الى معهد الصناعة والتجارة، وعلى هذا الاساس يمثل المعهد من خلال غرف الصناعة والتجارة اكثر من 3.6 مليون المانية. * يجب على رئيس المعهد ان يكون رجل اعمال وان يضطلع على الاقل بخطة نائب رئيس في احدى غرف التجارة والصناعة، وعليه فان الدكتور دريفتمان يتحمل خطة نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة بمدينة كيال الالمانية ويمثل مؤسسة بيتر كولن (رقم معاملات سنوي ب140 مليون اورو). * يفرض القانون الاساسي للمعهد ان يكون مقر المعهد في المدينة التي تحتضن الحكومة الفدرالية ومقر مجلس النواب، وعليه فان مدينة برلين تحتضن اليوم المقر بعد ان كان المقر بين 1949 و1999 بمدينة بون. * حسب الديوان الالماني للاحصائيات بفايسبادن، بلغ التبادل التجاري بين تونسوألمانيا ما قيمته 2.7 مليار اورو سنة 2008 مقابل 537 مليون اورو سنة 1979 سنة احداث غرفة الصناعة والتجارة التونسية الالمانية، بنسبة نمو بلغت 500% . كما بلغ عدد المؤسسات الالمانية العاملة في تونس 265 مؤسسة سنة 2008 مقابل 35 سنة 1988، كما يبلغ عدد التونسيين العاملين بهذه المؤسسات اكثر من 43 الف تونسي.