تونس - الصباح هامة هي التحضيرات التي تسبق كل تظاهرة ثقافية في بلادنا، اذ يحرص المشرفون على ضمان الحد الأدنى من النجاعة على مستوى الهيكل والمحتوى والاتصال. «الصباح» تجولت في البعض من شوارعنا بحثا عن أيام قرطاج المسرحية «جي.تي. سي» التي انطلقت فعالياتها مساء أمس. بحثا عن الأيام في ذاكرة أو قلوب عدد من التونسيين المستجوبين. وكانت النتيجة كما ستكتشفونها في العرض التالي. السيدة نجاة .ب (48 سنة) والتي تعمل طباخة بأحد المنازل فهي تربط المسرح بالتلفزة بطريقة طريفة. حين سألناها عن مدى اطلاعها على التجارب المسرحية الحديثة أو تلك التي علقت بالذاكرة من أيام الطفولة أو الشباب، أجابت أنها تشاهد المسرحيات عبر التلفزة. وأوضحت أنها لم تشاهد لو لمرة واحدة في حياتها مسرحية في أحد المسارح. المسرح هو التمثيل سألنا السيد صالح (52 سنة) والذي يعمل حارسا لاحدى البنايات عن تعريفه للمسرح فقال «المسرح هو تمثيل» مضيفا «لم أشاهد مسرحية واحدة في حياتي لأني «موش مغروم» ولا أعرف حتى كيف السبيل الى مواكبة أحد العروض المسرحية في بلادنا. قد أكون مقصرا ولكن لا أكترث لهذا الأمر.. صابر بن رمضان (17 سنة) تلميذ بالسنة الاولى ثانوي يعترف أنه لا يملك الرغبة في اكتشاف المسرح ويجد نفسه مشدودا أكثر للسينما وللافلام الاجنبية بشكل خاص عبر ما يقتنيه من اسطوانات مضغوطة. ولم تختلف إجابة محمد هشام الحاج محمد (17 سنة) كثيرا عن مرافقه صابر. فقد أخبرنا أنه لا يعلم بأمر انطلاق. أيام قرطاج المسرحية ولا يعرف الكثير عن المسرح إذ أن اهتماماته بالسينما الاجنبية «يسيطر على ميولاته الى درجة كبيرة و«يحرمه» من رغبة الاطلاع على الفنون الاخرى». تهريج ثم تهريج عن سبب عدم اكتراثه بالمسرح قال السيد محمد صالح (رجل أعمال) أنه كان يتابع الاعمال المسرحية في زمن بداية الثمانينات تحديدا ولكن تغيرت سلوكياته وأصبح يتهرب من الاحتكاك بالناس ومواكبة ما يحدث في المسارح بسبب الجمهور. أصبح الجمهور حسب رأيه يميل الى التهريج بصورة صارخة ولا يواكب المسرحية بجدية يفرضها الاطار العام، بل تجده يعلق تعاليق سخيفة ويتناول «القلوب» وغيرها من المكسرات ولا يحترم الحاضرين ولا الممثلين الذين يقدمون مجهودا على الركح. وأوضح السيد محسن (32 سنة) ويعمل سائق حافلة أنه يواكب المسرحيات الهزلية أساسا. فأينما يكون هناك «ضحك وجو» يذهب ويواكب بقلب مفتوح وراغب في الاكتشاف، ويفضل بشكل خاص مسرحيات لمين النهدي. محمد علي (نادل بمقهى) يختلف عن محسن في مسألة تقييم الفنان لمين النهدي فحسب رأيه فقد هذا الفنان الكثير من القدرة على شد الجمهور اليه في السنوات الاخيرة لأنه يقدم النمط نفسه من المسرحيات والشخصيات في كل مرة، وأضاف محمد علي «أنا لا أحب المسرح». «الطاسة فارغة» ويعمل السيد علي (59سنة) ميكانيكيا فاجأه حديثنا عن المسرح وعن أيام قرطاج المسرحية وقال ضاحكا «تسأليني عن موضوع تجاوزته منذ سنوات طويلة. فمنذ 30 سنة لم أزر مسرحا ولم أطلع على مسرحية. حاليا «الطاسة فارغة» أبحث عن قوت أبنائي وأفكر في الطريقة الأمثل لتأمين مال يعيلهم ويسهم في دفعهم نحو التفوق، ولا أفكر في موضوع غير هذا». وأضاف: «آسف نسيت أنني مشغول البال أيضا بموضوع التقاعد أنتظر أن ينتهي هذا العام بخير لأرتاح وأنهي هذا المشوار الطويل في العمل وأتمنى أن ينجح أبنائي أيضا في الدراسة وتحصيل مناصب جيدة في الحياة». انتهت جولتنا بهذه الأماني ولا ندري إن كان سوء الحظ هو الذي ساهم في أن تصب جل التدخلات في وادي اللامبالاة بموضوع جولتنا أم أن الواقع كان في غير صالح المسرح. قد تعكس تصريحات المستجوبين جزء من الحقيقة وجب التفاعل معها، ولكنها في كل الحالات لا تعكس الحقيقة كاملة. فهل مازال حب الناس للمسرح قائما؟ أيام قرطاج المسرحية ستجيب عن هذا السؤال وغيره من الأسئلة العالقة.. ابتداء من اليوم...