تونس الصباح الاقبال الجماهيري الكبير الذي شهده مسرح قرطاج الدولي ليلة امس الاول بمناسبة عرض مسرحية «في هاك السردوك انريشو» الذي نظمته جمعية الصحفيين التونسيين جاء ليؤكد مرة اخرى لا فقط نجومية الفنان الكوميدي الامين النهدي بل وايضا ليطرح من جديد سؤال: لماذا تبقى بعض الاعمال الابداعية «القديمة» مسرحية او غنائية او غيرها مطلوبة دائما من طرف الجمهور على الرغم من مرور سنوات طويلة على ظهورها في حين تنسى وتندثر وتغيب اعمال اخرى بمجرد عرضها في مناسبة وحيدة او مناسبتين؟! الديك الذي يبيض! فمسرحية «في هاك السردوك انريشو» التي يتواصل عرضها للسنة السادسة على التوالي دون انقطاع والتي لا ينفك الجمهور التونسي يقبل على مشاهدتها كلما عنّ لبطلها الفنان الأمين النهدي عرضها في اي فصل وفي اي مكان هي مسرحية «حدث» بأتم معنى الكلمة.. وهي عمل مسرحي يبدو انه لا يفقد بريقه ولا عناصر «سحره» شأنه في ذلك شأن انتاجات مسرحية تونسية اخرى قليلة خالدة احبها الجمهور التونسي مثل مسرحية «الماريشال» في نسختها الاصلية التي تقمص دور البطولة فيها الممثل العملاق المرحوم حمدة بالتيجاني. اللافت ان الجمهور الكبيرالذي جاء الى مسرح قرطاج الاثري ليلة امس الاول لمشاهدة مسرحية «في هاك السردوك انريشو» توجد في صفوفه اعداد كبيرة من الناس سبق لهم ان شاهدوا المسرحية مرة ومرتين.. من بين هؤلاء شخص في سن الكهولة كان جالسا الى جانبي وتبدو عليه امارات الرصانة والهدوء.. سألته: لماذا انت هنا؟ فأجابني انا هنا صحبة ابنتي التي تزاول تعليمها العالي بأحد البلدان الأوروبية والتي لم يسبق لها ان شاهدت مسرحية «في هاك السردوك انريشو» أما أنا فقد سبق لي ان شاهدتها.. ولما سألته: لماذا اذن تقبل على مشاهدتها مرة اخرى.. لا بد انك تفعل ذلك من أجل ابنتك.. اجابني: كلا! الممثل الكوميدي القدير الامين النهدي هو من خلال مسرحيته هذه «ديم يبيض!» ضمارا ومواقف مسرحية مرتجلة ساخرة وكوميدية فأنت حتى وان كنت قد شاهدت مسرحية «في هاك السردوك انريشو» من قبل فانك ستجد فيها دائما وفي مختلف عروضها ما يشدك وما يضحكك.. فهذا الكوميدي القدير يمتلك موهبة وحضورا مسرحيا رهيبا وانا اعتبره واحدا من كبار الكوميديين على الساحة العربية.. صدقني انه لا يقل قيمة في رأيي عن عادل امام او محمد صبحي او غيرهما.. اجابة هذا المواطن وكأنها احالتني على الاجابة الصحيحة عن سؤال: لماذا تخلد بعض الاعمال الابداعية وتندثر اخرى؟.. فوراء الاعمال الابداعية الخالدة والناجحة جماهيريا فنانون متميزون يمتلكون الموهبة والاخلاص عرفوا من خلال عمل ابداعي بعينه او اكثر كيف ينفذون لا فقط الى باطن الظواهر والاشياء وانما ايضا الى قلوب الجماهير تاتي خاطبوها بما تفهم.. بعيدا عن منطق الفلسفة والادعاء والاستعلاء.. وما من شك في ان الممثل المسرحي القدير الفنان الامين النهدي هو أحد هؤلاء الموهوبين الذين عرفوا كيف ومن أين يكون الدخول الى «عالم» المواطن البسيط وقلبه.. لذلك نراه وكلما ضرب موعدا جديدا مع الجمهور الا وكان هذا الجمهور حاضرا وبأعداد غفيرة مثلما كان الشأن في عرض مسرح قرطاج الاثري مساء امس الاول والذي من خلاله اسعد جمهور وآنسه وانعش في نفس الوقت «كاسة» جمعية الصحفيين التونسيين التي نظمت العرض وتولت بيع تذاكره وذلك في اطار احتفالاتها بالذكرى 45 لانبعاثها والتي تزامنت هذا العام مع احتفالها السنوي بعيد الصحافة.