تونس الصباح: التجربة المسرحية في دول الخليج العربي، وان كانت تبدو متفاوتة الوزن والقيمة والاهمية بحسب،، عراقتها... ونضجها من بلد الى اخر.. فان تعاقب حضور الفرق المسرحية الخليجية في مختلف دورات ايام قرطاج المسرحية وخاصة على امتداد السنوات الاخيرة، يتيح للمتتبع الفرصة للوقوف على مظاهر التطور الذي تشهده بعض التجارب المسرحية في هذه البلدان.. ومنها تجربة سلطنة عمان. مساء امس الاول كان الموعد على ركح دار الثقافة ابن رشيق مع عرض لمسرحية «رثاء الفجر» لمسرح مزون من سلطنة عمان وذلك في اطار الدورة 14 لايام قراطاج المسرحية.. ... وثالثهما الموت اول ما يشد المتفرج على مسرحية «رثاء الفجر» هو ذلك البعد التراجيدي الذي يطبع مناخات العرض بكل مكوناته.. فالديكور والاضواء والموسيقى والشخصيات جميعها تحيل على معاني الفجيعة والموت وقدر الانسان ككائن ليس له الا ان «يتعايش» مع ما يمكن ان تفاجئه به الحياة خاصة عندما تكشف عن وجهها القاسي وحتى العبثي احيانا.. عنصر آخر لابد ان يثير الاهتمام في مسرحية «رثاء الفجر» فهو ذلك الحضور القوي للنص المسرحي.. فالكلمة بما تحمله من معان وبما تستبطن من الاحالات والرموز تمثل، لا فقط، جانبا لغويا منطوقا بل كذلك «اداة» فرجة مسرحية متخيلة (بفتح الخاء والياء) جعلت العرض يبدو في جانبه «الفرجوي متجاوزا لحدود الاقليمية ومجاله الحيوي.. فالفرجة فرجتان في مسرحية «رثاء الفجر» واحدة بصرية صنعها أبطال العرض بادائهم التمثيلي الجيد وحضورهم الركحي القوي واخرى متخيلة يستشعرها المتفرج في مختلف ثنايا ومقاطع النص المسرحي الفصيح والبليغ والثري بالدلالات والاحالات وبكل معاني القسوة والمرارة والبؤس الانساني في عالم تحيط به المنايا والرزايا من كل جانب. تأثيث فرجوي المسرحية تروي حكاية ارملة شابة اعتادت التردد على المقبرة للوقوف على قبر زوجها الذي مات في الحرب ومن ثم تدخل معه في حوار وجودي حميمي ومؤلم ومثير حول معاني الموت والحياة والوجود والعاطفة والناس والاشياء.. هذا الحوار الذي يقطر مرارة وقسوة احيانا وعاطفة ولينا احيانا اخرى مثل نقطة قوة العرض في جانبه الحكائي السردي.. اما نقطة قوة العرض في جانبه الفرجوي والمشهدي البصري والمتخيل فقد تمثلت في السينوغرافيا بما هي رؤية وتصور في التوظيف لمختلف «ادوات» التأثيث للركح ولمختلف المؤثرات من اجل خلق مناخ بصري مشهدي فرجوي حقيقي ومتخيّل.. وثانيها ذلك الاداء التمثيليي الجيد وذلك الحضور الركحي القوي لمجموع الممثلين الاربعة وخاصة للثنائي سميرة الوهيبي (الزوجة) وادريس النبهاني (الزوج).. مسرحية «رثاء الفجر» من سلطنة عمان، وعلى الرغم من طابعها الكلاسيكي على مستوى الشكل خاصة، فانها ابانت عن ان الحركة المسرحية في هذه السلطنة الخليجية الشقيقة تبدو واعدة، وانها سيكون لها حضورها المميز مستقبلا ضمن المشهد المسرحي في منطقة الخليج العربي..