تونس الصباح: جمهور ايام قرطاج المسرحية كان على موعد مساء الاحد الماضي بقاعة دار الثقافة ابن رشيق مع العرض الاول لمسرحية «لغة الامهات» للمسرح الوطني الجزائري.. اقتباس جمال البوخاري، اخراج صونيا، تمثيل رانيا سيروتي وتونس. مسرح خام! اجواء المسرحية ومناخاتها الدرامية والفرجوية بدت وكأنها موكولة بالكامل في هذا العرض المسرحي الذي تواصل على امتداد ساعة وعشر دقائق الى بطلتي العرض الممثلتيّن رانيا سيروتي وتونس اللتين كان مطلوبا منهما ان تصنعا بادائهما التمثيلي وقوة حضورهما الركحي الجانب الاكبر لا فقط من المشهد الفرجوي للعمل ولكن ايضا عمق دلالات بعده الدرامي.. مخرجة المسرحية يبدو بدورها انها قد اختارت هذا «التوجه» عن قصد.. وذلك من اجل اعطاء الاولوية لما هو عناصر اساسية «خام» في العرض المسرحي في المطلق ونعني بها الحضور الركحي للممثل وقوة وبلاغة النص المنطوق.. دفاعا عن الحق في المقاومة مسرحية «لغة الامهات» تروي بلغة عربية فصحى «فصولا» من مواجهة «ثقافية» ودرامية بين امرأتين كلتاهما ام.. الاولى ام لشاب عربي مقاوم للاحتلال موقوف ومحكوم عليه بالاعدام.. والثانية ام اجنبية من فريق الاحتلال.. يختطف ابنها من طرف المقاومة الوطنية التي تهدد باعدامه في حال لم يطلق سراح الشاب المقاوم.. هذه «المواجهة» الجدالية بين الامين سيكون محركها لا فقط دافع عاطفة الامومة ولكن ستكون ايضا منطلقا للخوض في ثنائية الاحتلال والمقاومة.. فمن خلال نص مسرحي بليغ مثقل بالابعاد الفلسفية والمعاني الانسانية.. ومن خلال مواقف مسرحية.. صدامية احيانا وانسانية مرهفة ومؤثرة احيانا اخرى امكن لمسرحية «لغة الامهات» للمسرح الوطني الجزائري ان ينتصر فنيا وبخطاب مسرحي عميق لكل ما هو حق وطني وانساني مشروع في مقاومة الاحتلال.. اللافت هنا ان مسرحية «لغة الامهات» وهي تنتصر وتدافع عن الحق الوطني في المقاومة لم تفعل ذلك بخطاب تحريضي او شعاراتي وانما من خلال مواقف مسرحية انفعالية مؤثرة جسدتها بحرفية واقناع واقتدار الممثلتان رانيا سيروتي وتونس. فرجة متخيلة مسرحية «لغة الامهات».. على الرغم من ايقاعها الفرجوي البطيء وعلى الرغم من «طغيان» المنطوق فيها جانب القول على جانب الحركة وقتامة ومأساوية اجوائها ومناخاتها الدرامية، الا انها بدت مع ذلك مستبطنة لفرجة «متخيلة» بليغة ومؤثرة كانت تحيل عليها لا فقط بلاغة النص المسرحي وانما كذلك براعة الاداء التمثيلي لبطلتي العرض الممثلتين رانيا سيروتي وتونس.. ذلك ان الاداء الجيد لهاتين الممثلتين وقوة حضورهما الركحي هو الذي «صنع» تقريبا عمق المشهد الدرامي لمسرحية «لغة الامهات»..