تونس - الصباح: في البداية ، لابد أن نستسمح أنصار ما يسمّى بالتوجه الفرجويّ في المسرح العربيّ الحديث بدءا من تونس - خاصة - ومرورا بالقاهرة ووصولا الى لبنان ثم سوريا.. هؤلاء الذين يطمحون - على ما يبدو- إلى جعل المسرح العربي يتحوّل من «أداة» فنية ابداعية ثقافية بالمعنى الحضاري للكلمة الى مجرد «وعاء» لقولبة ومسرحة الثرثرة والترف الفكري والزخرف الفرجوي وتقديمها في شكل عروض تتداخل فيها (هم يقولون تتكامل فيها) انواع مختلفة من الفنون (السينما - الموسيقى - الفن التشكيلي - السيرك!) تستسمحهم، ونرجو ان يعذروننا لاننا - مع ايماننا واقتناعنا باهمية «الجماليات» والبعد الفرجوي المبتكر في العرض المسرحي - لاتزال نعتقد في مسرح عربي حديث وغير نبت- ثقافيا - .. مسرح شجاع بالمعنى الثقافي للكلمة، «يقول» و«يوحي» ويحيل» و«يمتع».. «شوكولا»! عرض افتتاح الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية - امس الأول - جاء بامضاء المسرح القومي السوري وذلك من خلال مسرحية «شوكولا» تاليف واخراج رغدا شعراني.... المسرحية حاولت من خلال خطاب مسرحي فرجوي وظف بكثافة التقنيات السينمائية الاحالة على بعض القضايا الاجتماعية والنفسية والعاطفية التي تعيشها شريحة من الشباب في المجتمعات العربية - الان وهنا - وذلك من خلال تداعيات حكائية لستة شبان اصدقاء منذ الطفولة يجتمعون - ليلة رأس السنة الميلادية - في قاعة لعرض الأزياء للاحتفال بقدوم العام الجديد.. ولان «المسألة» ذات علاقة - كما هو واضح- بالأزياء والاحتفال بقدوم السنة الميلادية الجديدة.. فقد جاء العرض بدوره - على مستوى الشكل - زاخرا بكل ما هو زخرف فرجوي على الطريقة الغربية.. بدءا بازياء الشبان وطريقة تصفيف وحلاقة شعر رؤوسهم ومروا باالموسيقى المصاحبة والرقصات... ووصولا الى دلالات واحالات ما هو منطوق في العرض والذي كان بدوره يحوم في حدود قضايا «الضغط الأسري على الأبناء» و«الشذود الجنسي» و«الخيبات العاطفية» - لا غير -!!! هذا التوجه على مستوى الشكل والمضمون جعل من مسرحية «شوكولا» وكأنها جزء مقتطع من منوعة «ستار اكاديمي» اللبنانية الشهيرة !! وهو الأمر الذي سهّل - في الواقع - على المتفرج فهم «الجزء» الأول من عنوان المسرحية المركب وهو «شو» بمعنى (فرجة) ولكنه لم يسعفنا بفهم «الجزء» الثاني منه وهو «كولا!» فكان ان فهمنا «الشو ولم نفهم «الكولا!» طبعا، قد يذهب البعض الى قراءة عرض «شوكولا» بطريقة مغايرة فيرى فيها تعبيرة فنية مسرحية معاصرة ومتطورة جماليا مازال فهمها يستعصي على بعض «الأذواق».. ونحن بقدر ما نحترم مثل هذا الرأي نريد - أيضا - وبكل صدق ان نشيد بالأداء التمثيلي الجيد بل والمبهر - احيانا - لمجموع الممثلين الستة الذين تقمصوا ادوار البطولة في هذه المسرحية وهم على التوالي : شادي مقرش وكامل نجمة ومروان أبو شاهين وجابر بوخدار ووليد عبود وعلا الزغبي.. وكم وددنا لو أنه تم توظيف الطاقات التمثيلية الهائلة لهؤلاء الممثلين الشبان ومواهبهم في انتاجات مسرحية تكون جادة وعضوية وجميلة... وشجاعة وليس أعمال هي من قبيل الزخرف القولي والفرجوي - لا أكثر ولا اقل!