من منّا كان يتصوّر هذا السيناريو المفاجئ، ففي أسوإ الحالات كنا ننتظر العودة بالتعادل على أقل تقدير، لكن كل الاحتمالات والتكهّنات المتفائلة سقطت مع سقوط المنتخب الوطني في مابوتو... الأداء كان مهزوزا وضعيفا إلى أبعد الحدود... ولم نر منتخبنا يلعب من أجل الترشح... هفوات دفاعية قاتلة وتوهان في وسط الميدان وعقم هجومي واضح وفاضح... هكذا كان حال المنتخب الوطني في الموزمبيق. بعد المباراة خرج علينا بعض اللاعبين ليبرّروا هذا التراجع وليؤكدوا أن الحرارة المرتفعة جدا والأرضية الصلبة للميدان المعشب -اصطناعيا- أفقدتهم توازنهم وأثّرت فيهم كثيرا... هذا معقول، ولكن ليس السبب الرئيسي في هذه الخيبة والخروج المهين، فكل العوامل التي أحاطت بالمباراة تؤكد أن المنتخب الوطني لم يكن جاهزا بالمرّة للتغلّب على هذه الصعوبات الظرفية... اختيارات وخيارات فاشلة لن نسلّط سياط الجلد للإطار الفني ونجعله كبش الفداء الوحيد، ولكن سير المباراة، وهذا العجز العجيب عن اللعب بنديّة أمام منافس موزمبيقي كان أكثر ما يطمح إليه تحقيق التعادل. المدرب أخطأ عندما ناور وغالط وقال أنه سيعتمد خطة هجومية بحتة، لكن هذا لم يحدث بدليل أن المنتخب الوطني دافع بعشرة لاعبين والحال أن النتيجة كانت تشير للتعادل وتقدم المنتخب النيجيري... المدرب أخطأ عندما عوّل على لاعبين لا يمتلكون بنية جسدية تخوّل لهم مغالطة الدفاع الموزمبيقي، فلا بن سعادة ولا بن خلف الله ولا الشرميطي بإمكانهم التقاط الكرات العالية التي تأتي عبر التوزيعات الطويلة من الخلف، وكان من الأجدى لعب ورقة الدراجي وكذلك الزيتوني وهما اللذان يحسنان التعامل مع الكرات العالية، ثم لا ندري لماذا لم يتم التفكير في هيثم مرابط كأحد الحلول البديلة على مستوى الربط بين الدفاع والهجوم والحال أنه نجح في هذه المهمة ضد المنتخب النيجيري في أبوجا بالذات، أما على مستوى الدفاع فإن الاعتماد على طريقة «البلوك» والتسلّل تكلّفا غاليا، فقبلنا هدفا بطريقة ساذجة. مباراة أبوجا غالطت الجميع من المؤكد أن الحلم بالتأهل حق مشروع لكل المنتخبات ولكن يجب التعامل مع المعطيات وسير مرحلة التصفيات بعقلانية، لكن ما حصل مباشرة بعد مباراة أبوجا يؤكد أن الثقة بالنفس أصبحت غرورا وكأنّ الترشح حصل بالفعل، هل أن مجرّد التعادل مع نيجيريا في تونس ثم في أبوجا يؤهل إلى المونديال؟؟؟ الإجابة بالطبع لا، فالترشح يتطلّب الانتصار في قواعدنا وكذلك خارج الديار، لكننا رضينا بهذه النتيجة وتركنا مصير الترشح معلقا إلى آخر لحظة. تذكروا مردود المنتخب التونسي ضد كينيا والسعودية لو نعود قليلا للوراء، فبعد مباراة أبوجا خاض المنتخب الوطني مباراتين، الأولى ضد كينيا وفزنا خلالها بهدف يتيم ولولا هدف الدقيقة الأولى لحدث ما لا يحمد عقباه سيما أن المردود كان ضعيفا ومهزوزا ومتدنيا، إثر ذلك خاض المنتخب مباراة ودية قدّم خلالها أداء ضعيفا للغاية وانهزمنا في رادس بالذات، هزيمة كان من الأولى أن نعيد معها الحسابات، بعد أن دقّت نواقيس الخطر ولكن شيئا من هذا لم يحصل. لا أثر للإعداد النفسي خاض المنتخب الوطني مباراة مابوتو بشد عصبي كبير وتحت ضغوطات عديدة هي ضرورة الترشح وحتميّة الفوز ووجوبية تقديم مستوى جيد فلم يتحقّق أي هدف، وكانت الأرجل مكبّلة والعقول تائهة في مباراة حاسمة ومصيرية، وحتى عندما سمع اللاعبون نتيجة مباراة نيروبي لم يقدروا على رد الفعل، ولم يقدر المدرب الجالس على دكّة الاحتياط، اتخاذ احتياطاته وشحذ الهمم لتكون العودة من مابوتو مرّة وعسيرة الهضم، مرارة هذا الانسحاب القاسي. أحمد بن عبد الستار للتعليق على هذا الموضوع: