تونس-الصباح النائب مهما كان موقعه أو انتماؤه السياسي مسكون بما يتفاعل في الشارع التونسي من تساؤلات ومشاغل يومية، يسعى حسب طريقته الخاصة لتبليغها إلى المسؤولين وصناع القرار وطرحها امام الجهات الحكومية المعنية. لكن جانب كبير من أنشطة النواب قد لا تكون للإعلام فيه قدرة على إيصاله للرأي العام على غرار المناقشات التي تجري داخل اللجان النيابية نظرا لخضوعها لمبدأ السرية.. وقد انطلقت أعمال هذه اللجان (وعددها سبعة) منذ أكثر من أسبوع، ومعروف عنها أنها تكتسي طابعا سريا ولا يحق للإعلام أو المواطن العادي حضور اجتماعاتها. وقد جرت العادة في كل افتتاح دورة برلمانية، أو بمناسبة انطلاق المناقشات العلنية حول مشروع ميزانية الدولة، صدور اقتراحات من النواب أنفسهم للسماح لممثلي الصحافة الوطنية خصوصا المكتوبة منها بحضور أنشطة اللجان دون جدوى، مع العلم أن جزءا كبيرا من النقاشات تجرى داخل تلك اللجان، سواء القارة منها، أو غير القارة. فهل نرى اليوم الذي يسمح فيه قانونيا بحضور الإعلاميين جلسات اللجان النيابية أو للجان المكلفة بالنظر في مشاريع مختلف أبواب ميزانية الدولة على غرار ما هو معمول به في بعض الدول المتقدمة.؟ أو على الأقل التفكير في وضع تصورات وآليات تمكن الإعلاميين من مواكبة لو جزء من تلك النقاشات داخل جلسات اللجان المغلقة. "الصباح" رصدت موقف ثلة من البرلمانيين بشأن هذا الموضوع فكانت جلها تقريبا مساندة لفكرة وضع الإعلاميين أمام صورة ما يجري داخل اللجان النيابية، ولو بشيء من التحفظ. فقد أكد النائب هشام الحجي رئيس كتلة حزب الوحدة الشعبية بمجلس النواب، في هذا الاتجاه أن كل انفتاح على الإعلام يعتبر دائما ايجابيا، وهو ما يأتي في إطار دعم علاقات التواصل بين الناخبين ومجلس النواب. معبرا عن اعتقاده أنه من السابق لأوانه التفكير في فتح اجتماعات اللجان البرلمانية سواء منها القارة أو المكلفة بالنظر في مشروع ميزانية الدولة، أمام الإعلاميين. لكن في المقابل، اقترح ايجاد آلية تضع الإعلاميين في صورة ما يدور من نقاشات داخل اللجان، عبر التفكير مثلا في تمكين رؤساء اللجان النيابية من التواصل مع الإعلاميين بشأن أهم النقاشات المطروحة بجلسات اللجان، ودعم العمل الاتصالي داخل مجلس النواب، الذي شهد قفزة نوعية خلال الفترات السابقة، وهو عمل مطروح لمزيد التطوير خاصة مع تشكيل الكتل البرلمانية، وترسخ التعددية. في المقابل يرى السيد اسماعيل بولحية أمين عام حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ورئيس كتلة الحركة داخل البرلمان، أنه لا يرى أي مانع في حضور الإعلاميين عمل اللجان البرلمانية ومواكبة ما يدور داخلها من نقاشات. لكنه أبرز أن تقاليد العمل البرلماني في تونس رسخت مبدأ سرية عمل اللجان. وقال بولحية أنّه مع مبدأ الحفاظ على سرية عمل اللجان في ما يتعلق بالنقاشات التي تتصل بملفات تهم قطاعات معينة قد تقتضي أبعادها الأمنية، او السياسية وغير ذلك. لكن في ما يهم بقية القطاعات صحية، كانت أم اجتماعية، أو مرتبطة بملفات التعليم والتكوين، والفلاحة، والصناعة، والسياحة.. وغيرها، فلا يوجد ما يمنع من حضور ممثلي أجهزة الإعلام في النقاشات أو الاجتماعات التي تنعقد للتحاور في شأنها، أو النظر في مشاريع القوانين التي تتصل بتلك القطاعات، أو بمناسبة النظر في مشاريع ميزانياتها السنوية.. وأوضح بولحية بأن السلطة التنفيذية يمكنها أن تستفيد ليس فقط من آراء النواب، واقتراحاتهم، وتساؤلاتهم بل أيضا من خلال ما توفره وساءل الإعلام من مساحات إعلامية تمكن الرأي العام من الوقوف على إجابات وردود اعضاء الحكومة أثناء اجتماعات اللجان. خاصة أمام ما نعيشه اليوم من شح للمعلومة، وتعطش المواطن لها.. وقال " أنا شخصيا مع مبدأ العمل بالشفافية المطلقة في اعمال مجلس النواب أينما كانت." من جهته، أوضح السيد محمد الدامي النقابي والنائب عن التجمع الدستوري الديمقراطي، أن ما يجري داخل اللجان البرلمانية هو بالأساس مساءلات أكثر منها نقاشات لأعضاء الحكومة. مفيدا بأن سرية عمل اللجان معمول بها في جل بلدان العالم. لكنه أشار إلى أنه يمكن لمقرر كل لجنة أو رئيسها تمكينه من صلاحيات للتواصل مع الإعلاميين من خلال إعطاء تصريحات صحفية بشأن أهم ما يدور داخل الجلسات المغلقة للجان وذلك في اطار شفافية العمل النيابي. لكنه أكد على أن القرار يعود في الأخير إلى مكتب مجلس النواب، مشيرا إلى أن النقاشات التي تدور داخل اللجان لا تمثل إلا 10 بالمائة مقارنة بالنقاشات التي تطرح خلال الجلسات العامة المفتوحة أمام جمهور الإعلاميين والمواطنين.. جدير بالذكر أن مختلف اللجان غير القارة المكلفة بالنظر في مختلف أبواب مشروع ميزانية الدولة، شرعت في عقد جلسات استماع إلى أعضاء الحكومة، على أن يتم عقد الجلسات العامة المخصصة لمناقشة مشروع ميزانية الدولة قبل نهاية الشهر الجاري لتتواصل إلى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر المقبل. جدير بالذكر أنه سيتم الاعتماد على نفس المنهج المتبع خلال المدة النيابية السابقة، في المداولات المخصصة لمناقشة مشروع الميزانية وذلك عبر تجميع مشاريع ميزانيات بعض الوزارات تتقارب أو تتقاطع في المهام أو الاختصاصات. كما سيتم تخصيص حوالي أسبوع لمناقشة مختلف أبواب الميزانية، والاستماع إلى ردود أعضاء الحكومة. علما وأنه جرت العادة أن يتم خلال اليوم الأول من المناقشات تقديم بيان الحكومة من قبل الوزير الأول، ثم فتح باب النقاش العام بشأن ذات البيان، والاستماع إلى رد الوزير الأول حول مختلف تساؤلات وملاحظات النواب ومقترحاتهم، قبل فسح المجال لمناقشة تقارير التي أعدتها اللجان غير القارة لمختلف أبواب مشررع ميزانية الدولة لسنة 2010.