لماذا لا يتم رفع السريّة عن أعمال لجان الميزانية والسّماح للإعلام بمواكبتها؟ تونس-الصباح علمت" الصباح" أن مجلس النواب سيشرع خلال الأيام القليلة المقبلة -ومن المرجح خلال نهاية الأسبوع المقبل- في عقد الجلسات العامة المخصصة للمداولات حول ميزانية الدولة لسنة 2009. علما أن الدورة الحالية هي آخر دورة من المدة النيابية الحادية عشرة قبل أن يتم تجديد أعضاء مجلس النواب عن طريق الانتخابات التشريعية القادمة. وبذلك تكون للنواب الحاليين بمجلس النواب فرصة متجددة وقد تكون الأخيرة للبعض منهم لمناقشة مختلف أبواب ميزانية الدولة للسنة القادمة. ورغم انها محطة روتينية لإبداء الرأي وطرح الأفكار وبسط الاقتراحات ومناقشة أعضاء الحكومة بشأن عدة عناصر قطاعية تمس مباشرة سواء الحياة اليومية للمواطن، أو تتصل بدعم المسار التنموي متعدد الاتجاهات، إلا أن مداولات ميزانية الدولة مناسبة لها رونق خاص وموعد متميز يستعد له معظم النواب، وأعضاء الحكومة. النائب مهما كان موقعه هو بطبعه واع بأهمية دوره في تمثيل الشعب أولا ومصالح الدائرة الترابية أو المنطقة التي ينتمي إليها، أو ربما المصالح الضيقة للحزب الذي ينتمي إليه، وهو أيضا مسكون بما يتفاعل في الشارع التونسي من تساؤلات ومشاغل يومية، وصعوبات ذات أبعاد اجتماعية أو اقتصادية أو حتى طروحات جديدة في الشأن السياسي..، يسعى حسب طريقته الخاصة لتبليغها إلى المسؤولين وصناع القرار وطرحها امام الجهات الحكومية المعنية. لذا فإن تذكير النائب بهذا الدور الجلي قد يكون مفيدا في هذه المناسبة لو أن حثه على القيام بأكثر من هذا الدور قد يكون تجنيا على النائب أو دعوته إلى طرح مشاغل الناس هو أيضا من قبيل الانتقاص من شأنه. وهو كمن تدعو مربيا إلى القاء درس أو موظف إلى القيام بعمله، أو فلاح بزرع أرضه..لذا فهو دور طبيعي انتخب من أجله. لكن حسب متابعات سابقة لمثل هذه المحطات فإن عدة نواب يستغلون فرصة المداولات للبروز والتدخل والمشاركة في النقاش العام، إلى جانب نواب آخرين غالبا ما تتكرر أسماؤهم بفعل تعدد تدخلاتهم خلال الجلسات العامة العادية، بعضها أصبح لامعا ومعروفا سواء من بين صفوف نواب حزب التجمع الحزب الحاكم الذي يشكل الأغلبية المطلقة في المجلس، أو حتى من بين نواب المعارضة. لكن المهم في الأمر هو أن جانبا كبيرا من أنشطة النواب قد لا تكون للإعلام فيه قدرة على إيصاله للرأي العام على غرار المشاركة في أعمال اللجان النيابية خصوصا منها اجتماعات اللجان غير القارة أو لجان الميزانية التي يعهد لها النظر في مختلف أبواب ميزانية الدولة قبل عرضها على المداولات في جلسات عامة مفتوحة، وقد انطلقت أعمال هاته اللجان (وعددها سبعة) منذ أكثر من أسبوعين. والمعروف عن أنشطة هذه اللجان هو أنها تكتسي طابعا سريا ولا يحق للإعلام أو المواطن العادي حضور اجتماعاتها. وقد تم اقتراح السماح لممثلي الصحافة الوطنية خصوصا المكتوبة منها بحضور أنشطة اللجان دون جدوى، مع العلم أن جزءا كبيرا من النقاشات تجري داخل اللجان. فهل نرى اليوم الذي يسمح فيه قانونيا بحضور الإعلاميين جلسات اللجان النيابية أو لجان ميزانية على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة منذ عشرات السنين.؟ ميزانية السنة المقبلة في حدود 17.2 مليار دينار يذكر أن ميزانية الدولة للسنة المقبلة قدرت في حدود 17.2 مليار دينار أي بارتفاع بنسبة 12 بالمائة مقارنة بتقديرات 2008. وتعتبر سنة 2009 بالنسبة للاقتصاد التونسي منعرجا حاسما باعتبارها السنة الختامية لتنفيذ "البرنامج الرئاسي لتونس الغد" وهي كذلك السنة المرجعية لإعداد المخطط التنموي للفترة 2010/2014. ومن المقرر ان تحافظ الميزانية على دورها في دفع التشغيل وتعزيز البنية الأساسية وحفز الاستثمار اضافة الى مواصلة سياسة دعم المحروقات والمواد الاستهلاكية حيث ستخصص حوالي 850 مليون دينار لصندوق الدعم ورصد منحة مباشرة لدعم منظومة المحروقات في حدود 890 مليون دينار وذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن من ناحية والرفع من القدرة التنافسية للمؤسسة من ناحية أخرى. مع الإشارة إلى أن جملة هذه الخيارات ترتكز على تلازم البعدين الاجتماعي والاقتصادي لمنوال التنمية وتؤكد تماسك البنية الاقتصادية للبلاد في وجه الازمة المالية الدولية . ويهدف منوال التنمية الذي حددت على أساسه ميزانية الدولة للسنة المقبلة الى تحقيق نسبة نمو تقدر ب6 بالمائة بالأسعار القارة مقابل 1،5% منتظرة لسنة 2008، ويتطلب تحقيق هذه الأهداف دفع الاستثمار ولا سيما في القطاعات الواعدة وذات القيمة المضافة العالية والنهوض بالتصدير في ظل محيط عالمي تشتد فيه المنافسة. وينتظر ان يتطور الاستثمار الجملي في سنة 2009 بنسبة 9.9 بالمائة لترتفع بذلك نسبة الاستثمار الى 26.7 بالمائة من الناتج مقابل 25.1 بالمائة منتظرة لسنة 2008. ويتوقع ان ترتفع مساهمة القطاع الخاص في هذه الاستثمارات الى 61 بالمائة في ضوء تقدم انجاز المشاريع الكبرى في اطار اللزمة وبالنظر الى اهمية الإجراءات التي تم اقرارها لمزيد تفعيل دور القطاع الخاص.