...وتحقيق الإمتاع والمؤانسة الان وقد وضعت المهرجانات اوزارها وانفض «المولد» بجميله وقبيحه لا بد من التوقف عند الكثير من النقاط الهامة التي من الضروري درسها بجدية حتى لا تتكرر بعض المهازل التي رافقت مهرجانات هذه الصائفة وخلفت جملة من التساؤلات الحائرة بدءا بنوعية العروض واسماء النجوم المدعوة لاحياء السهرات وصولا الى الفوضى الجماهيرية التي رافقت حملة من العروض وحولتها الى كابوس مزعج والحال انها يعثت من أجل ان تكون لرواد ها متنفسا فنيا وثقافيا كما انها تعد مناسبة لتعزيز السياحة الثقافية في بلادنا التي ترتكز على مبدا التشبث بالتقاليد والقيم العريقة لتونس من جهة والانفتاح على محيطها من جهة اخرى.. ولكن هل ان مهرجاناتنا تحقق هذه المعادلة فعلا؟ عندما نتحدث عن التقاليد فنحن نقصد بالتأكيد.. تقالدينا.. وفننا هو جزء من تقاليدنا ولكنه هل ان الفن التونسي موجود فعلا وبكثافة في مهرجاناتنا.. سوف لن نجيب على هذا السؤال اذ يكفي ان ينظر المتلقي بسرعة على روزنامة المهرجانات ومواعيدها ليجد الجواب ولكن ما يمكننا قوله هو ان اي مهرجان في العالم لا يخدم فن بلده ولا يبرمج فنانيه الا وفق مقولة «هاني معاكم لا تشكوا في» هو بعيد كل البعد على حقيقة التشبث بالتقاليد.. اما الانفتاح على المحيط فهو امر جميل بل ومرغوب فيه.. ولكنه كذلك اذا كان مدروسا دراسة جيدة واذا كانت الاسماء غير التونسية المدعوة لتأمين هذا الانفتاح تستحق بالفعل ان تشارك في هذا الهدف.. وليست اسماء تساهم في «تبريك» المهرجانات والحاق الضرر بسمعتها أولا وبميزانيتها ثانيا. هذه الاقتراحات حتى نحقق تلك المعادلة التي تحدثنا عنها انفا لا بد من فسح المجال وبدرجة اولى الى الفنانين التونسيين ليحيوا مهرجانات بلادهم.. فهم الاحق من غيرهم بذلك.. وكفانا ترديدا لمقولة ان الفنان التونسي لا يجلب الجمهور لان هذا القناع اسقطته وبالضربة القاضية السهرة الختامية لمهرجان قرطاج هذا امر.. والامر الاخر يتعلق بمستوى ما يقدمه بعض ما يسميه غيرنا نجوما وكبار الفنانين على مسارحنا وما يقدمونه على مسارح اخرى وفي مهرجانات اخرى البعض من هؤلاء يأتون الى تونس فقط لتسجيل حضورهم.. ولا يغرنكم تلك الحفاوة الكبيرة التي يقابلون بها وذلك الحضور الجماهيري «المدهش» الذي يرافق حفلاته وعندما نتمعن في مستوى ما يقدمونه ندرك صحة مثلنا الشعبي «حل الصرة تلقى خيط» بل الاصح هو ان نقول «حل الصرة ما تلقى شيء».. ثم ان الآلاف المؤلفة من الجماهير التي تاتي الى مهرجاناتنا (ونقول تاتي ولا نقول تحضر لان الحضور يتطلب تركيزا وحسا فنيا عميقا) همها الوحيد هو ان تتفس عما تختزنه من انفعالات وهي انفعالات تتفاوت درجاتها وتتنوع في طريقة التنفيس عنها بين الرقص والغناء المتواصلين وبين الصراخ وحتى الاغماء.. ومادمنا فتحتا باب الحديث عن الجمهور فلدينا اقتراح اذا تم تنفيذه فعلا فذلك سيعود بالايجاب على مهرجاناتنا ويستريح عديد الاطراف من الفوضى «والهمجية» التي نحمد الله على انها لم تتسبب في كوارث.. و حتى نتفادى ذلك فاننا نقترح بل ننادي بوجوب تنظيم سهرات تستبق الافتتاح الرسمي لمهرجاناتنا.. تخصص نصفها للرقص ويفسح فيها المجال للمبتلين به للرقص على انغام نجومهم المفضلين.. اما الجانب الاخر من السهرات فيكون لل«كاراووكي» حتى يتمكن اصحاب «الحناجر» المهزورة من ترديد اغانيهم المفضلة.. واذا نفذت هذه الخطة.. فستكون بحق فرصة لنا نحن الذين نتردد على المهرجانات لنستمتع بحقيقة الاصوات وعمق جمالها وبعدها الفني فنحن نريد ان نسمع ونفهم فهلاّ اعنتمونا على تحقيق رغبة كل الذين يؤمنون بان المهرجان للمتعة الثقافية والفنية وللتوازن بين الترفيه والمؤانسة والجدية والعمق.