أضاع جمهور مهرجان بنزرت عن نفسه فرصة الحضور والاستمتاع بعرض فني عانق الروعة، اجتمعت فيه عديد الوجوه الغنائية من تونس وليبيا والجزائر والمغرب في سهرة مغاربية مستوحاة من فكرة وتصور للفنان مهدي أمين الذي كان متميزا وعرف كيف يشد انتباه العدد المحتشم للجمهور الحاضر فوق مدرجات مسرح الهواء الطلق بالحصن الاسباني بل ومهد الطريق لنجاح بقية الفنانين المغاربيين في تمرير عروضهم والتعريف بإنتاجاتهم الفنية التي كانت توحي في مضمونها إلى تكريس متانة الترابط الأخوي بين شعوب المنطقة رغم عزوف الجمهور عن الحضور بالكثافة المطلوبة في جل المهرجانات وهي نقطة استفهام كبرى أجاب عنها الفنان مهدي أمين بنقص الدعاية الاعلامية لهذه النوعية من السهرات وخضوع المهرجانات الى ثقافة التقاليد والحنين للفنانين المعروفين على الساحة العربية. وللحد من هذه الظاهرة لا بد من العمل على ترسيخ العروض الجماعية في ذهنية المتفرج التونسي وإحكام توزيع البرمجة في المهرجانات بتباعد العروض بعضها عن بعض حتى لا يُصاب المتلقي بالتخمة الفنية. كوكتال تونسي ليبي جزائري مغربي بعد جملة الاستفسارات الحائرة اعتلى الفنان مهدي أمين الركح وانطلق في أداء مجموعة أغانيه بعنوان «السلام عليكم» و«القمرة سهرانة» مع أغنية «أصل الزين» للجموسي وأغنية «أول نظرة درباني» للهادي الجويني. وبهذا وضع الجموع الحاضرة في الاطار الملائم للسهرة قبل أن يحيل المصدح الى الفنانة الليبية أسماء سليم لتقدم باقة من الأغاني الطربية هي: «غريبة يا قلب تنساني» و«يا الكلام اكتب عالورقة» و«يعوض علي اللّه» و«الليل يكثر خيره» وأغنيتين للراحلة صليحة «عرضوني زوز صبايا» و«خالي بدلني»، تحت ايقاع متميز للفرقة الموسيقية المصاحبة. أما الجزء الثالث فقد أثثه الفنان الجزائري عبدو درياسة الذي ألهب حماس الجمهور بحضوره الركحي اللافت للانتباه وآدائه الجيّد المتناغم مع الحركات الرشيقة التي كان يقوم بها وتعبر عن تفاعله الكامل مع كلمات وموسيقات الأغاني الجزائرية: باب الجديد وهران وهران نجمة قطبية ، وهي أغنية معروفة لوالده رابح درياسة التي انتشى بها الجمهور وطالب باعادة ترديد مقاطع منها ثانية و«يا الرايح» و«أصحاب البارود» و«صبري صبري». وفي الحلقة الأخيرة للعرض فسح المجال للفنانة المغربية صاحبة الصوت الرخيم نادية خالص لتقدم أغنية «يا بنت بلادي» لعبد الصادق شقارة و«مرسول الحب» للدوكالي و«علاش يا غزالي»لاسماعيل الادريسي ومجموعة أخرى من الأغاني من التراث المغربي أهمها الأغنية المعروفة «دور بيها يا الشيباني». ثم عاد مهدي أمين ليختتم السهرة بدويتو مع عبدو درياسة في أغنية «ويلي ويلي». وحسب تقييم الاعلاميين والنقاد، فإن هذه السهرة رغم ظلم الجمهور لها بعدم الحضور، فإنها كانت من العروض القلائل التي حققت النجاح المطلوب الى حدّ الآن في برمجة مهرجان بنزرت.