تونس الصباح صباحا، ومنذ انطلاق أول أشعة تبشر بقدوم يوم جديد، يكون عدد من التونسيين قد بدؤوا يومهم ووصلوا إلى مقرات عملهم. سائقو حافلات، أصحاب محلات ومطاعم، شرطيون، نادلو مقاه، هم أمثلة من شريحة كبيرة تبدأ يومها قبل الجميع، يرافقهم ضباب الصباح الباكر الذي يخفي حركة دؤوبة تنطلق بعد دقائق وتتواصل ساعات. وقبل قيام العمال والموظفين والتلامذة ينطلق سباق سائقي الحافلات والمترو مع بوادر النسمات الصباحية في طرقاتنا، فقبل الجميع، يشغلون محركات حافلاتهم، وينطلقون إلى مختلف الاحياء والمدن المحيطة بالعاصمة حتى يسهلوا عملية التنقل. فالسيد عبد الرزاق وهو سائق حافلة ينطلق منذ الساعات الاولى من مجمع الحافلات "برشلونة" في قلب العاصمة الى مدينة بن عروس ليقل الجمهور الغفير المتوجه إلى العمل أو إلى مقاعد الدراسة أو لقضاء شأن. قهوة ساخنة الساعة السادسة والنصف صباحا، شوارع عريضة، فارغة من المارة الا القليل منهم المسرعين، ومع تحسس برودة نسمات الصباح، والضباب المبشر بانطلاقة جديدة، لا يمكن تجاوز رائحة القهوة الصباحية المغرية، فالمقاهي تفتح أبوابها مستقبلة زبائنها المختلفين، بين موظفين وعملة، تلاميذ ورجال تعليم، كلهم يرتادون هذا المكان الذي أصبح جزء من عادة التونسي. "فتصفح الجريدة لا يكون ممتعا الا مع قهوة ساخنة ومن يد سامي" هكذا قال السيد إسماعيل موظف في الادارة التونسية. وسامي هو شاب من متساكني أحد الاحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة ونادل بمقهى تعود النهوض قبل بزوغ الفجر يوميا ليلتحق بالمقهى، يوزع الكراسي والطاولات ويشغل المذياع وينتظر طالبي قهوة الصباح. أكلات شتوية وليس ببعيد عن هذا المقهى، أين المحلات المتراصة شمالا ويمينا، فهذا منصور صحبة زوجته يفتحون محلهم الضيق مساحة ولكنه غاص بالمأكولات اللذيذة وهو قبلة الكثير من الزبائن الذين تعودوا على اقتناء فطور الصباح من عندهما، زوجان يحضران مأكولات حسب الفصول، خفيفة صيفا وحارة قوية في مكوناتها شتاء، وخلال هذه الايام الشتوية، يقبل التونسي، ومن مختلف الشرائح، على الاكلات الشعبية مثل "اللبلابي" و"الدرع" حسب الاذواق. وفي طريقك الى العمل، ومع بوادر فتح الادارات والمصالح لابوابها، أين تنطلق السيارات في وقت واحد، وفي طرق واحدة، يبدأ عمل أعوان الشرطة الذين ينظمون حركة المرور ويسهرون على خدمة المواطن، ومنذ ساعات استيقاظهم الاولى موزعين بين الطرقات وفي مداخل المدن ليضمنوا أقصى ما يمكن إدراكه من سلامة وحسن سير. شكرا لكم هم أمثلة من رجال ونساء، ينهضون باكرا وحتى قبل بزوغ الفجر، يعملون في سويعات الصباح الاولى، كل يؤدي وظيفته، يخدمون الناس، ويبحثون على لقمة عيشهم، فشكرا لهؤلاء الرجال والنساء الذين لم يتمتعوا بساعات طويلة من النوم ولكن استيقظوا ليقوموا بوظائفهم بنشاط ويقظة منقطعة النظير.