تونس الصباح ضجيج وازدحام واصوات تعالت هنا وهناك، ممزوجة بتصاعد دخان كثيف منبعث من «الشيشة» لتفوح مختلف المقاهي الشعبية بعبق رمضان وتستعيد بذلك سحرها في جلب السمار وتتحول في هذا الشهر المعظم الى فضاءات ترفيهية. الساعة تقترب من التاسعة والنصف ليلا واول ما يلفت الانتباه العدد الهام من الشباب الذين خرجوا الى المقاهي ليلا فلها في رمضان رونق وطابع خاص: وجاذبية وسحر يميزها عن باقي ايام السنة. لتعج بزبائن من كل الاعمار شباب وكهول وشيوخ يتسابقون اليها بعد الافطار ليصبح الظفر بمقعد شاغر في هذا الشهر الكريم غاية يصعب تحقيقها «لا أعرف نكهة المقاهي ولا استمتع بها الا في رمضان حيث تنبعث منها اجواء خاصة مقترنة بخصوصية هذا الشهر الكريم». هكذا تحدث محمد الزين (32 سنة) (موظف بشركة خاصة) وقد عانقت يداه فنجان قهوة مضيفا ان ارتياد المقاهي ليلا جانب لا يمكن التخلي عنه في رمضان فهي ميزة هذا الشهر الكريم وبابتسامة ارتسمت على محياه اخبرنا صديقه محمد (28 سنة) موظف: رمضان هذا العام له ميزة خاصة فهو مختلف عن السنوات السابقة لحلوله في فصل الصيف ومع حرارة الطقس يحلو السهر في «صيف رمضان» خاصة وسط «شلة» من الاصحاب والاصدقاء حيث تمتد السهرات حتى الساعات الاولى من الفجر». الشيشة سيدة السهرات على الرغم من اختلاف الميولات والاذواق في قضاء السهرات الرمضانية تبقى المقاهي اجمل ما يميز شهر رمضان فسحرها يكمن في كونها نقطة التقاء الشباب وتجمعهم على طاولة واحدة و«شيشة» واحدة، لتبقى «الشيشة» في هذا «الشهر الفضيل» سيدة المقاهي والسهرات الرمضانية بامتياز. يقول مراد 27 سنة تقني سامي في الاعلامية بعد اخذه لنفس عميق من الشيشة: «في العادة لا أدخن ولكن في رمضان ادمن على تدخين «الشيشة» حيث لا يخلو في رمضان مقهى منها فقد اصبحت اليوم ميزة من مميزات شهر رمضان تنبعث منها سحر الليالي الرمضانية». وفي هذا الاطار يقول عادل (31 سنة) نادل المقهى: «تبقى الشيشة الاكثر طلبا ورواجا في السهرات الرمضانية فمرتادو المقاهي باتوا لا يطيقون الجلوس دونها لذا يتهافت على طلبها معظم رواد المقهى وخاصة الشباب». لعب الورق يقلب شهر رمضان موازين المقاهي ليلا وكأنه اعصار موسمي، لتتعالى ضحكات وقهقهات الشباب بين الكراسي وبتزامنه مع فصل الصيف امر يشجع على السهر، وان كان السكون والهدوء عناوين النهار فالنشاط والحيوية ابرز سمات المقاهي ليلا ليساهم لعب الورق في اشعاع سهراتها التي تتواصل الى ساعات متأخرة من الليل. يقول حمدي 28 سنة (موظف سياحي): «لا أرى رمضان دون الذهاب الى المقهى ليلا والجلوس مع الاصدقاء ولعب «الرامي» حتى ساعات متأخرة من الليل، هي اجواء رائعة لسهرات «سيدي رمضان» وعادة يومية يصعب التخلي عنها خاصة خلال رمضان.