تونس الصباح: صورة قاتمة رسمتها التدخلات المتعددة التي أثثت امس الجلسة الافتتاحية للملتقى الدولي جيو تونس 2009 في دورته الرابعة تحت عنوان »دراسة الموارد المائية والتصحر باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد والنمذجة الرقمية«. قتامة الصورة مردها الارقام المقدمة المتداولة حول ما ينتظر البشرية من كوارث جراء استفحال ظاهرة التصحر وامتداد ازمة المياه في ضوء تواصل المؤشرات السلبية والانعكاسات المتزايدة للتغيرات المناخية حيث يمثل التصحر احد اضخم التحديات.. مهددا بالزحف على 40% من مساحة الاراضي ما يعادل نحو 4 مليار هكتار وتراجع خصوبة اكثر من 70% من مجموع الاراضي الجافة المستخدمة في الزراعة في مختلف مناطق العالم.. الى جانب تواصل تقلص الموارد المائية الذي يتسبب في وفاة 35 ألف شخص يوميا وتهدد بتراجع الكميات المخصصة لتلبية احتياجات الفرد بنحو 20% مستقبلا.. وعن تداعيات هذا الوضع على الانتاج الغذائي يطول الحديث ولا يتوقف.. فكيف يمكن لتقنية المعلومات الجغرافية الرقمية ان تكون فاعلة في الحد من تداعيات هذا الوضع وناجعة عمليا وعلميا في التحسب للاشكاليات والتحديات القادمة؟ أداة حتمية الاستاذ محمد العياري الرئيس المؤسس للجمعية التونسية للاعلام الجغرافي الرقمي شدد في تصريح للصباح بأن دراسة الظواهر الناجمة عن التغيرات المناخية في كل بلدان العالم لم تعد قادرة على الاستغناء على هذه التقنية بل اصبحت المعطيات الجغرافية الرقمية حتمية وضرورية في التعامل مع هذه التحديات ومع كل ما يتعلق بالظواهر الطبيعية المؤثرة في الحياة اليومية. ودعم العياري هذا الطرح استنادا الى مؤشر قد يغني عن اي تعليق يفيد بأن نحو 80 % من المعلومات المتداولة في العالم رقمية فمن باب أولى وأحرى اذن توظيف المعلومة الجغرافية في أمهات القضايا ذات التداعيات الخطيرة على الانسانية من خلال الاستغلال الأنجع للصورة الفضائية وتقنيات الاستشعار عن بعد والخارطة الرقمية واعتماد التحليل الرقمي وانتاج المعلومة الجغرافية وهي عناصر مهمة في التعاطي مع تأثيرات التغيرات المناخية وافرازها لظواهر خطرة منها التصحر الذي يهدد اليوم 83 % من الاراضي التونسية ويرى المتحدث ان مجابهة هذا الوضع في مختلف مستوياته المحلية والاقليمية والعالمية يستوجب جهودا مشتركة وجماعية. وقبل ان يختم تدخله اشار رئيس الجمعية بامتعاض وباستغراب الى غياب المؤسسات البحثية التونسية عن المعرض المنتظم على هامش هذه التظاهرة واحتشام المشاركات العلمية المتخصصة من قبل الخبراء دون تفسير مقنع لذلك مشيدا في المقابل بحضور الباحثين الشبان بكثافة ومثمنا زخم الدراسات المعروضة على أجندا اشغال المؤتمر في دورته الرابعة ومشاركات عديد البلدان.. معالجة حسب المقاس من جهتها اكدت الدكتورة واستاذة البحث الاميرة السعودية مشاعل آل سعود الرئيس الفخرية للمؤتمر في حديث خاطف للصباح اهمية المعلومة الجغرافية الرقمية في التعاطي مع التحديات البيئية لما تتميز به من دقة.. معتبرة اياها احدى الآليات الناجعة في التعامل مع هذه القضايا في سياق رؤية شاملة ومتكاملة تتفاعل مع تطورات الدورة او المنظومة المناخية التي يتحمل فيها الانسان المسؤولية الكبرى وان بتفاوت من منطقة لأخرى. واضافت »بان مجرد استعمال هذه التقنية المتقدمة يسمح بتوفر نتائج دقيقة يمكن ان تبنى عليها دراسات وتقديرات أشمل وأوسع.. على صعيد آخر وتعقيبا على سؤال يتعلق بمدى واقعية الصورة القاتمة لمستقبل كوكبنا جراء التقلبات المناخية او مدى المبالغة في ذلك اشارت الدكتورة مشاعل آل سعود الى ان الامر يتباين حسب المدارس.. هناك من تساند نظرية المبالغة واخرى تقر بواقعية هذه الصورة.. فيما تؤثر الباحثة التمازج بين الطرحين على اعتبار الاخذ بجدية ظاهرة التغيرات المناخية وتأثيراتها المختلفة مع التعاطي بعقلانية مع تداعياتها مع مراعاة خصوصيات كل منطقة في التعاطي مثلا مع ظاهرة التصحر و»تفصيل« حلول المعالجة حسب المقاس بعيدا عن الحل النمطي المسقط.. وبخصوص ملتقى »جيو تونس 2009« تتوقع محدثتنا ان يكون مناسبة لتبادل التجارب والخبرات والتعرف على أحدث الدراسات والبحوث والاطلاع على مستجدات الوضع وتطور تأثيرات الظواهر الطبيعية من خلال النقاشات والحوارات العلمية المؤثثة لفعاليات التظاهرة. مقاربة تونسية وكان وزير الفلاحة والموارد المائية السيد عبد السلام منصور افتتح اشغال المؤتمر مستعرضا المقاربة التونسية في مكافحة التصحر مبينا ان الاستراتيجية الوطنية في المجال افضت الى وضع قاعدة بيانات خرائطية ضمن منظومة تبادل المعلومات حول مكافحة الظاهرة وانتاج مؤشرات دالة على وضعية التصحر من زواياها المختلفة تربة ونباتا وماء..مشيرا الى جهود تحيين خطة العمل في هذا المستوى وتفعيل آليات التدخل والمعالجة لاسيما في دعم برامج التشجير والتصدي لزحف الرمال. كما عرّج الوزير على الاستراتيجيات المعتمدة في مجال المحافظة على المياه واحكام التصرف فيها مستقبلا.