... إنه أقسى يتم... بل إنه الأمرّ والأعنف والأشرسُ، ذاك الذي يعيشه الطفل وأمه على قيد الحياة... ذاك الحرمان من الأمومة الذي يُفرض عليه ليجد نفسه في يوم ما بلا حنان وبلا دفء... في الحلقة قبل الأخيرة من «المسامح كريم» حضر أب وأطفاله الخمسة ليتوجه بنداء لزوجته التي تركت المنزل وهجرت أبناءها منذ أشهر، راجيا منها العودة لاحتضانهم... كان يتحدث بصوت متقطع، نزلت دموعه قبل أن ينطق بالكلمات، قال: «لقد غادرت محل الزوجية دون داع تاركة «أكبادها» يحترقون بنيران الشوق...». كانت كلماته تلك وسط دموع أبنائه الذين ازداد شوقهم إلى حنان الأم وحضنها بمجرّد فهمهم لسياق الحديث الذي يدور داخل الأستوديو. نبرة الحزن التي كان ينطق بها الأب ودموع أطفاله جعلت جمهور المسامح كريم يتفاعل بشدّة مع القصة، تفاعلا بلغ حدّ بكاء البعض وحسرة البعض، شفقة على الأبناء ولوما على الأم... الكل كان ينتظر بفارغ الصبر لخطة الإعلان عن قبول الدعوة وقدوم الأم وتساءل الجميع: «هل أتت الأم...؟؟... وجاءت لحظة الحسم، لحظة تسارعت فيها نبضات قلب الأب المسكين وهو يحتضن أصغر أبنائه، تغيّرت ملامح وجهه، قد يكون خوفا من قبول الدعوة واللقاء بعد غياب طويل وقد يكون خوفا من الرفض وتعميق الجراح؟؟ ... وفعلا تعمّقت الجراح بمجرد الإعلان عن رفض الأم للدعوة وعدم قدومها للأستوديو. تواصل الحوار ليكشف الأب عن تفاعل السلط الجهوية وتبينها لمأساته فقد منحته مسكنا آواه وأطفاله كما تكفّل أحد مراكز الطفولة المندمجة برعاية اثنين منهم حتى تخفّف عنه عبء المسؤولية. ولكن... لا شيء استطاع أن ينسي الأبناء أمهم... كما لن أنسى أبدا لحظة أجهش فيها الطفل بالبكاء ورفض التوقف حتى خارج الأستوديو!! وانتهى التصوير ولم تنته الهستيريا التي تملكت الصغير، أخذته بين أحضاني بعيدا عن أضواء التصوير وسألته عن سبب بكائه فكان جوابه الذي أدمى قلبي: «نحب نشوف ماما!!». ... كلمات عمّقت مأساة الأب وجعلتني اكتفي بالتساؤل أي أسباب تلك التي تجعل أما تتخلّى عن أكبادها وتهجرهم دون السؤال عنهم؟ هل مات قلبها؟ هل انعدمت أحاسيسها؟ هل نسيت أبناءها؟ هل... وهل...؟ ولم أجد جوابا أقنعني... يا رب احمهم واحم كلّ طفل بلا «أم»!! برقيات * إلى المرحوم محمد شبّوح: لن أنساك أبدا... أبدا... * إلى نجاة عطية: عودة قوية... بالنجاح والتوفيق. * إلى امرأة: لن نفترق!! * إلى قراء «الأسبوعي»: أنتظر لقاءكم كل اثنين للتعليق على هذا الموضوع: