تونس الصباح: أطلق تقرير عربي أممي مشترك جديد صفارات إنذار جديدة لصناع القرار في الدول العربية.. بسبب استفحال معضلة البطالة.. خاصة في صفوف الشباب.. وأوضح التقرير الاممي والعربي الجديد أن نسبة البطالة الحقيقية في جل الدول العربية تفوق ال20 بالمائة.. وأن حوالي نصف الشباب العربي في سن العمل عاطل.. بينما تبلغ نسب »البطالة المقنعة« نسبا مرتفعة في بعض الدول العربية.. وتصل إلى حوالي 50 بالمائة.. إلا أن أهم خط أحمر برز في هذا التقرير الذي صدر بعنوان »تحديات التنمية في الدول العربية: نهج التنمية البشرية« إلى أن من بين أبرز التحديات الكبيرة التي تواجه صناع القرار العرب خلال الاعوام العشرة القادمة »إحداث 51 مليون فرصة عمل جديدة واقتصاد كلي يحمي الفقراء من ارتفاع الاسعار بسبب الازمات العالمية«.. هذا التقرير تضمن حصيلة الدراسات التي جرى إعدادها خلال عام كامل بالتعاون بين جامعة الدول العربية وبرنامج الاممالمتحدة الانمائي PNUD ومجموعة من كبار الخبراء العرب. وقد أعد تنفيذا لقرار من مجلس وزراء التنمية والشؤون والاجتماعية العرب الذي عقد في سياق التحضير للقمة العربية الاقتصادية الاجتماعية التي عقدت في الكويت يومي 19 و20 جانفي الماضي. وقد صدر التقرير في جزءين، ناقش الاول تحديات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بينما ركز الثاني على تحدي الامن الغذائي.. وفي الجزءين كشف أن المنطقة العربية تقف »على كف عفريت« بعد أن تراجع دور »الطبقة الوسطى«.. وتطورت الازمات السياسية والامنية والعسكرية والاقتصادية التي تنخر كثيرا من الدول العربية إلى أزمات اجتماعية خطيرة.. تنذر باستفحال ظواهر البطالة والفقر وسوء التغذية وتدهور الخدمات الصحية والاجتماعية.. وتخلف قطاعات التعليم والبنية الاساسية.. إصلاحات سياسية واقتصادية بالجملة ورغم الصبغة الرسمية لجامعة الدول العربية ولبرنامج الاممالمتحدة الانمائي فقد طالب واضعوه القيادات العربية باصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية عاجلة.. »لمنع تراكم النقائص والثغرات ومنع التدهور.. وتجنب حدوث انفجارات أو هزات خطيرة.. والقضاء على الاسباب العميقة لاسفحال ظواهر التطرف والعنف والارهاب من جهة.. والجريمة المنظمة وتعاطي المخدرات والبغاء من جهة ثانية..«. ولخّص التقرير التحديات الكبرى التي تواجه العالم العربي في سنة هي »إصلاح المؤسسات وتوفير فرص العمل وتعزيز وتمويل عمليات النمو لصالح الفقراء وإصلاح نظم التعليم وتنويع مصادر النمو الاقتصادي وزيادة الامن الغذائي والاكتفاء الذاتي في ظل القيود البيئية القائمة«. موعد 2015 وحسب عدد من خبراء الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية وبينهم نائبة المدير الاقليمي للمكتب الاقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الاممالمتحدة الانمائي السيدة منى همام فإن »معدلات التقدم نحو تحقيق الاهداف التنموية للالفية الجديدة في الدول العربية لا ترقى الى مستوى طموحات الشعوب العربية في تحقيق الطفرة التنموية المطلوبة«... وبات شبه مؤكد أن الدول العربية أبعد ما تكون عن بلوغ الاهداف التي وردت في »الاهداف التنموية للالفية« في 2015 مثلما كان مقررا.. ومن بينها التخفيض الشامل لنسب الفقر والبطالة والامية ونسب الوفيات في صفوف الاطفال والنساء خاصة في مرحلتي الحمل والرضاعة.. الخ. وقد شددت تعليقات عدد من الخبراء العرب على هذا التقرير الاممي العربي على أن تحقيق الاهداف التنموية للالفية يستوجب »نموذجا شاملا يعتمد اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة.. ورهانا أوضح على التنمية البشرية القائمة على الحريات والنجاعة ومحاربة البيرقراطية والفساد كأساس لتحقيق التنمية«. المستقبل؟ والاخطر من كل ما سبق هو أن أوضاع حوالي 120 مليون عربي يشكلون القوى العاملة عربيا باتت في خطر.. بحكم استفحال ظاهرة »البطالة المقنعة« (Chômage déguisé) في وقت تؤكد فيه كل المؤشرات أن من بين مضاعفات الازمة الاقتصادية ارتفاع نسب البطالة عربيا.. بسبب تعاقب حالات غلق المؤسسات أو »تسريح« نسب من العمال.. فضلا عن كون من بين انعكاسات الازمة الاقتصادية والمالية على دول الخليج والدول الصناعية (وخاصة أوروبا) احالة مئات الالاف من المهاجرين العرب على البطالة »الموسمية« أو طويلة المدى.. والحصيلة النهائية هي أن أكثر من 330 مليون شخص في العالم العربي باتوا مهددين في موارد رزقهم.. وباتوا محرومين من فرص العيش بصورة مستقرة.. ومن تحقيق برامجهم وطموحاتهم.. »ليس فقط بسبب الصراعات العسكرية والسياسية والاضطرابات الامنية.. بل كذلك بسبب زحف التصحر وتفاقم المشاكل المالية والاقتصادية ومعضلات البطالة والفقر والجوع«... علما أن 20 بالمائة من العرب يعيشون اليوم في فقر.. بأقل من دولارين يوميا.. رغم امتلاك دولهم لثروات هائلة.. ورغم كون معدل الدخل الفردي يفوق في بعض الدول العربية ال15 ألف دولار سنويا.. لذلك طالب تقرير الجامعة العربية وبرنامج الاممالمتحدة الانمائي بتوفير 51 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2020.. ليس للقضاء على البطالة بل للابقاء على معدلاتها في مستواها الحالي.. أي ما بين 15 و20 بالمائة كمعدل عام.. وبنسب تتراوح بين 30 و65 بالمائة بالنسبة للشباب دون 35 عاما.. تونس وأهداف الالفية لعام 2015 وحسب التقرير فإن تونس من بين الدول العربية التي تقدمت في تحقيق أهداف الالفية للتنمية.. التي وضعتها الاممالمتحدة سنة 2000.. استعدادا لمرحلة 2015.. وأضاف في السياق ذاته بأن المقاربة التونسية في مجال التنمية الجهوية ساعدت على ضمان استقرار الافراد والعائلات بالمناطق الداخلية والاستفادة من مواردها البشرية. كما تحفظ مسؤولون وخبراء تونسيون على بعض ما ورد في التقرير.. بما في ذلك طريقة احتساب مؤشرات التنمية البشرية واعتبر انه »اعتمد على طرق كلاسيكية لا تتضمن النظرة الشمولية للتنمية«، كما »لم يتضمن المعطيات المتعلقة بالمرأة رغم أنها متوفرة لدى العموم.. وهو ما كان سببا في تصنيف دول عربية قبل تونس رغم الاجماع العربي والدولي حول الوضع الريادي للمرأة في تونس«.. كما اعتبر مصدر من وزارة التنمية والتعاون الدولي أن ترتيب تونس عربيا استند إلى معطيات احصائية قديمة تعود إلى سنة 2007، مؤكدا على أن الاحصائيات الرسمية متوفرة لدى الهياكل المعنية، مستغربا عدم اعتماد بعضها في التقرير. في المقابل أقر خبراء تونسيون بكون النسب المرتفعة للامية في تونس لا تزال تمثل »عائقا نسبيا أمام تونس لكسب مزيد من النقاط في جدول الترتيب العالمي للتنمية البشرية«.. رغم وجود طموح لبرنامج وطني لتعليم الكبار في تونس..