أبدت مصادر فلاحية مهنية قلقا ملحوظا وهواجس بالغة جراء بوادر الجفاف الذي اشتدت حدة ملامحه في الأسابيع الأخيرة في عديد المناطق المنتجة للحبوب، حتى أنّ بعض من تحدثنا إليهم لم يخفوا رغبتهم الملحة في إقامة صلاة الاستسقاء هذا اليوم تذرعا إلى الله ليمن عليهم بغيثه هذه الفترة التي قد تنقذ فيها مطرة مارس مزارع عدة من الحبوب وتبدد هواجس الفلاحين ومخاوفهم من أن يزيد شح الطبيعة في تأزم مديونتهم والحد من قدراتهم على استخلاص القروض التي يحل أجل تسديدها خلال الصائفة القادمة. وكان الموسم الفلاحي المنقضي استثنائيا في تسديد المستحقات المالية للبنوك وقياسيا في إقبال المنتجين على استخلاص الديون التي حل أجلها لأول مرة بحكم وفرة الصابة وأهمية العائدات المتأتية من المحاصيل بعد مواصلة العمل بالقرار الرئاسي القاضي بالترفيع في أسعار الحبوب في مستوى الإنتاج مما جعل الإيفاء بالتعهدات تلقائيا من الفلاحين .وقد وصف عضو المركزية الفلاحية لطفي الوسلاتي هذا التعامل بالطبيعي والمعتاد زمن مواسم الخير والبركة مفيدا بأن نسبة الاستخلاص العامة بلغت موسم 2009ذروتها بتجاوز 87 بالمائة إلا أن هذا الارتياح قد لا يتواصل أو يصمد طويلا هذا الموسم في ضوء بوادر الجفاف القائمة والتي بدأت نتائجها تبرز بعديد المناطق بتفاوت صلب الجهة الواحدة وبأكثر حدة من منطقة جغرافية لأخرى بما يلقي بظلال هذا الوضع على حجم استخلاص الديون مستقبلا ما لم يبدد الطقس ملامح الصورة القاتمة إلى حد الآن. وقد تحدث رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين بسليانة الحبيب الرزقي بألم وحسرة عن الأضرار التي لحقت بمعظم المزارع جراء تواصل الجفاف واصفا إياها بالمناطق الحمراء التي تشهد ذبولا وغطاء نباتيا باهتا مستثنيا من هذا المصير معتمدية الكريب والمناطق السقوية. واعتبرأن تداعيات هذا الوضع لا يمكن أن تكون إلا سليبة على حجم استخلاص الديون هذا الموسم خلافا للسنة الماضية التي احتلت فيها سليانة المرتبة الثانية بعد باجة في نسبة تسديد الديون باستخلاص 92 بالمائة من الديون التي حل أجلهاأوتلك المتعلقة بأقساط الجدولة. وفي مقابل هذا المشهد تبدو ولاية باجة أقل تضررا حيث أفاد رئيس اتحادها الجهوي أحمد العامري أنه من جملة 140 الف هك زراعات كبرى توجد 55 الف هك منها في حالة طيبة للغاية إلى حد هذه الفترة تقع أساسا بباجة الشمالية ومعتمدية عمدون وتعد حالة مابين 15 الى 20الف هك دون المتوسط تقع داخل مثلث مجاز الباب وتستوروقبلاط فيما تم توصيف الوضع بالمتوسط في بقية المناطق ويترقب الفلاحون بالجهة الأخبار السارة الصادرة عن الأرصاد الجوي والمتوقعة لأمطار الغيث موفى الأسبوع بما يساعد على «ترقيع» الوضعية بالمزارع التي راوغتها الأمطاروهكذا نعتقد أن هاجس تعذر استخلاص الديون لا ينسحب على هذه الولاية مقارنة بغيرها.من خلال التصريحات التي استقيناها من المستجوبين بدا الاتفاق جليا بين الجميع على أهمية بل وضرورة احياء صندوق جبر الأضرار الفلاحية المتأتية من الجوائح الطبيعية هذا الجهاز الذي تم احداثه موفى الثمانينات لكنه ولد ميتا ولم ير إلى يوم الناس هذا النور بسبب الصعوبات التي تعترض تمويله وعدم التوفق الى صيغة نهائية حول هذا الإشكال وتعتبر مصادرنا أن الحل الأنجع في مواجهة معضلة الجفاف باعتباره جائحة طبيعية يكمن في إعادة الحياة لهذا الصندوق بما يؤمن للفلاحين تعويضات مالية لجبر الضرر الناجم عن الجفاف ويتسنى لهم بالتالي تخفيف كاهل ديونهم. وعلاوة على هذه الآلية أضاف السيد لطفي الوسلاتي أن من شأن إحكام الفلاحين للحزمة الفنية والتوظيف الأنجع لنتائج البحوث العلمية الفلاحية إلى جانب تعاطي التداول الزراعي ما يساعد على تطوير مردود مستغلاتهم والترفيع من مداخيلهم حتى في زمن نقص الأمطار بما ينعكس على قدراتهم على استخلاص الديون والايفاء بتعهداتهم البنكية.