في الوقت الذي يتسابق فيه تلامذة الباكالوريا لاقتلاع تأشيرة العبور إلى مدارج الجامعة من خلال دورة التدارك أعلن البعض منهم القطيعة مع هذه الدورة، رافضين حتى مجرد خوض غمار التجربة علها تكون سبيلا إلى النجاح، هذا القرار سببه اعتقاد راسخ بأن النجاح في هذه الدورة يساوي مجموع نقاط ضعيفا وهو «توجيه نحو الفشل» على حد تعبير البعض ممن تحدثنا إليهم. هذا السلوك يؤكد اليوم أن النجاح في الباكالوريا ليس مهما بقدر أهمية مجموع النقاط الذي سيتحصل عليه الطالب الجديد والذي يخول له توجيها يتماشى مع حاجيات سوق الشغل... من هذا المنطلق اتخذت هيبة (بكالوريا رياضيات) قرارها بعدم اجتياز دورة التدارك فقد تحصلت على معدل يساوي 7 من 20 خلال الدورة الرئيسية. وقرارها هذا تعتبره «صائبا» لأن النجاح في هذه الدورة يؤمن مجموع نقاط ضعيف ينجر عنه توجيه نحو شعب لا مستقبل لها على حد قولها... و يشترك في هذا القرار الذي اتخذته هيبة كل من زميلاتها إيمان وأمنة وسمية فمعدلاتهن خلال هذه الدورة ضعيفة... ومن وجهة نظرهن إمكانية النجاح لا تحقق الإضافة... وحتى سمية التي تبقى حظوظها أكثر من زميلاتها باعتبارها تحصلت على معدل يساوي 9 من 20 فضلت إعادة السنة طوعا حتى تتمكن من الظفر بتوجيه يتماشى مع بورصة سوق الشغل.... وفي نفس السياق تشير الآنسة ريم (موظفة) أن أخاها (بكالوريا رياضيات) رفض رفضا قاطعا الالتحاق بدورة التدارك... لسبب بسيط هو أنه لا يتخيل نفسه إلا في إحدى مدارس الطيران. ونظرا لان طبيعة الدراسة في هذه المدارس تشترط مجموعا كبيرا من النقاط فانه فضل إعادة السنة خصوصا أن النجاح في هذه الدورة مع طبيعة الشعبة التي يرغب في دراستها لا يعني شيئا... مثل هذا الطرح الذي يؤشر للرسوب بدلا من مضاعفة الجهد لاقتلاع النجاح, تعتبره السيدة سعاد خليفة (أستاذة علوم تجريبية) طرحا عقلانيا سيما أن النجاح خلال هذه الدورة يجعل الطالب الجديد مضطرا إلى اختيار شعب لا تتناسب مع مؤهلاته ليتحمل لاحقا تبعات هذا الاختيار والذي غالبا ما ينجر عنه فشل وإعادة توجيه.... من جهته يثمن السيد حسين (أستاذ رياضيات) مثل هذا القرار موضحا أن مجموع النقاط هو الذي يحدد عملية التوجيه لذا من الأفضل التحصل على مجموع محترم حتى يجد التلميذ حظوظه في الشعب التي تبقى طاقة الإقبال عليها كثيفة... وحتى لا يكون مجبرا على ملء الفراغات لا غير.... ويرى الخبير في علم الاجتماع التربوي السيد طارق بالحاج محمد أن التوجيه الجامعي اليوم هو توجيه نحو الحياة الذي سيخول الاندماج السريع في سوق الشغل. من هذا المنطلق يفضل العديد من التلاميذ إعادة السنة لان الناجحين في دورة التدارك سيوجهون وفقا لآلية الشعب الشاغرة المتبقية أو ما يعبر عنها البعض «بفواضل الشعب»... ويؤكد في نفس السياق أن عملية التوجيه باتت عملية تقنية بالأساس ترتبط ارتباطا وثيقا بسوق الشغل الأمر الذي يفسر اكتظاظ شعب على حساب أخرى. وللناجحين نصيب... لئن فضل بعض المترشحين لدورة التدارك عدم الالتحاق بها لان توجيههم الجامعي سيكون دون المأمول.. فان الناجحين خلال الدورة الرئيسية في حيرة من أمرهم... لان عملية توجيههم ستكون دون المأمول أيضا....محمد (باكالوريا إعلامية) نجح في الدورة الرئيسة بمعدل يساوي 11 من 20 ولان اختصاص الإعلامية يشمل تلامذة تعد من النخبة فان هذا المعدل لا يعني شيئا في دليل التوجيه الجامعي. وتتساءل إيمان(باكالوريا علوم تجريبية) عن طبيعة الاختصاص الذي ستوجه إليه فقد تحصلت على معدل يساوي 10 من 20 وتجزم من الآن أنه حتما سيكون من «الفواضل»، من جهته تمنى معز(باكالوريا رياضيات) لو انه لم ينجح... فقد فضل إعادة السنة على النجاح بمعدل ضعيف في اختصاص لا يعترف إلا بالمتميزين. فهل من الضروري اليوم أن يكون جميع التلاميذ متميزين..؟