ترشيد الاستهلاك يفترض حملة تحسيس تنطلق من المواطن وتوجه إليه سعر طن الحبوب تضاعف مرتين خلال أشهر ومازال ينذر بمزيد الارتفاع أجهزة الدولة مطالبة ببذل جهود لتحسين جودة الخبز لتجنب إلقائه في المزابل بعد ساعات «نحن نعول على وعي المواطن التونسي وشعوره بالمسؤولية لتفادي التبذير وترشيد الاستهلاك نظرا للارتفاع المطرد لاسعار المواد الفلاحية» بهذه الكلمات دعا رئيس الدولة المواطنين في خطابه الذي القاه في الذكرى العشرين للتحول عندما تطرق الى مسألة ارتفاع اسعار النفط والحبوب في العالم.. ومن المتوقع ان تزيد نفقات دعم المواد الاستهلاكية ب 250 مليون دينار عما كان مبرمجا له في قانون المالية سنة 2007 حيث قامت الدولة بتحيين هذه النفقات لتبلغ 565 مليون دينار بعد ان بلغت سعر آخر الشراءات التي تمت خلال شهر سبتمبر المنقضي 578 دولارا لطن القمح الصلب مقابل 199.8 دولار كمعدل عام لسنة 2006 و401 دولار لطن القمح اللين بعد ان كان في حدود 164.5 دولارا كمعدل عام سنة 2006 و397 دولارا لطن الشعير بعد ان كان المعدل العام لسعره خلال سنة 2006 ما يناهز ال 155.4 دولارا اما سعر طن زيت الصوجا فقفز من 513 دولارا كمعدل عام سنة 2006 الى 923 دولارا ونفس الحال بالنسبة لزيت النخيل الذي ارتفع من 468 دولارا للطن الواحد كمعدل لسنة 2006 الى 920 دولارا حاليا. لذلك فالدعوة لترشيد الاستهلاك هي اكثر من ملحة وفي هذا الاطار يفترض ان تولي سلط الاشراف اهتماما خاصا لهذه الدعوة من خلال تكثيف الحملات التحسيسية البعيدة عن الدمغجة بل تلك التي تنطلق من جيب المواطن وتنتهي اليه من ذلك ان القاء ما يوازي نصف خبزة في اليوم ومائتي غرام من المقرونة او الكسكسي على مدى عام من شأنه ان يغطي نفقات ابنائه خلال العودة المدرسية او اكسائهم في العيد او يوفر ثمن كبش العيد او استهلاك شهرين من وقود سيارته. كما ان عملية التحسيس هذه يجب ان تكون مدعومة بخطة لتحسين جودة الخبز لان التونسي العاقل وكما سبق وذكرنا في مناسبتين على هذه الاعمدة لا يمكنه ان يلقي بماهو غير صالح للاستهلاك في الزبالة.. فالجميع يجزم بأن جودة خبزنا لا ترتقي الى ما يفترض ان تكون عليه وان سلط الاشراف لم تول المسألة الاهمية التي تفترضها بقدر تركيزها على ان لا تذهب الفارينة المدعومة الى غير ما خصصت له وان هذا التقصير جعل من عديد مخابزنا تقع بدورها ضحية لانعدام تأهيلها فهي تحوّل يوميا عشرات الالاف من الدنانير الى علف للحيوانات في افضل الحالات بما يرفع في الخسارة الى عشرات ملايين الدنانير سنويا.. خسارة ما فتئت تتعاظم بارتفاع اسعار الحبوب. وحسب مشروع ميزانية الدولة فان الاحتياجات الموضوعية لدعم اسعار المواد الاستهلاكية قد تتجاوز الالف مليون دينار لكنه لتفادي اختلال التوازن الفعلي لميزانية الدولة يفترض رصد اعتمادات تناهز ال 700 مليون دينار وهو ما اعتبره مشروع الميزانية منحة هامة حتى لو تم اللجوء خلال السنة المقبلة لتعديل الاسعار. لذلك فان تضافر جهود المواطن والصناعي والدولة مطلوب اكثر من اي وقت مضى لتخفيف العبء عن الجميع.. وانه لمن المؤسف ان لا نلاحظ اي شكل من اشكال التحسيس من طرف اجهزة الدولة ولا من طرف منظمة الدفاع عن المستهلك خلال كامل الاشهر المنقضية وما نأمله اليوم ان يكون نداء اعلى هرم السلطة حافزا للجميع لاستنباط الحلول التي من شأنها ان تساهم في ترشيد الاستهلاك.