منذ اطلاقه للشرارة الأولى للثورة الشعبية المباركة بسيدي بوزيد يوم 17ديسمبر الماضي أصبح بيت المرحوم محمد البوعزيزي مقصد الكثيرين من مواطنين واعلاميين. وما ان عصفت ثورة الكرامة بنظام الحكم البائد حتى بات مقر سكناه مزارا حقيقيا ووجهة رئيسية لوكالات الانباء العالمية والفضائيات العربية والاجنبية ...أما عربته «برويطته» فانها اصبحت اليوم أشهر من بعض قادة ونجوم العالم اذ سجل سعرها ارتفاعا صاروخيا يزداد بشكل غريب مع كل يوم جديد. ومع تحسن الأوضاع الأمنية تدريجيا قصدت عشرات الفضائيات منزله وتحدثت مع عائلته بل ان بعض القنوات لم تفرط حتى في ما تبقى من جهاز هاتفه المحطم وبعض فواتيره البسيطة. وقد اكدت لنا شقيقته ليلى بوعزيزي ان عائلتها أصبحت تجد صعوبة في ايجاد وقتا لتحضير وجباتها وتناولها للكم الهائل من القنوات التلفزية ووكالات الانباء العالمية التي قصدتهم من كل حدب وصوب .واستطردت قائلة «قد لا يصدق البعض اننا لا نجد وقتا ولو لشربة ماء لتعدد وسائل الاعلام التي ترابط امام منزلنا يوميا واذكر هنا فضائيات من اليابان، بلغاريا، اوكرانيا، تركيا، هولاندا، انقلترا، امريكا، كندا، اسبانيا، روسيا الى جانب القنوات العربية وكلها تحتاج الى ترتيبات واتصالات هاتفية ومواعيد وفي هذا الوقت الذي أحدثك فيه تحاور قناة الجزيرة العالمية والدتي واكثر من قناة تنتظر دورها لتسليط الضوء على بعض الجوانب من حياة شقيقي المرحوم محمد البوعزيزي».
«قناصو» الفرص وركوب الاحداث
من كان يصدق أن يصبح الشهيد محمد البوعزيزي في ظرف أقل من شهر رمزا للكرامة والثورة والنضال بعد أن كان مهمشا يتعب ويشقى ويتذوق المرارة من أجل الحصول على لقمة عائلته البسيطة ...في هذه الفترة القياسية مثل شرارة لثورة عصفت بنظام الرئيس المخلوع ليصبح قدوة ومثالا في مختلف أصقاع العالم للتضحية من اجل الكرامة والحرية .ولم يترك البعض هذه الفرصة تمر دون الانقضاض عليها بشراسة ليركب الاحداث كل حسب مصالحه سياسية كانت أو مادية . واذا كان منزله قبلة لعديد السياسيين الذين سعوا الى تلميع صورهم والطفو على سطح الاحداث لاكتساب شرعية شعبية قد تبدو أكثر من ذهبية في هذه الفرصة التاريخية فان البعض الآخر انتهز هذا الحدث ماديا فقد كشفت لنا شقيقته ليلى ان احدى الشركات بدولة اوروبية اصبحت تبيع «مراول» طبعت عليها صورة شقيقها وحققت نسبة مبيعات خيالية .واضافت «بعض الاحزاب السياسية حاولت بدورها ركوب الحدث فالدكتور منصف المرزوقي قام بتعزية والدتي بالمقبرة الى جانب عديد الاطراف الاخرى التي لعبت على هذا الوتر رغبة في الحصول على تاشيرة لقلوب الجماهير. والجميع يعلم الغايات الحقيقية من وراء مثل هذه التصرفات والواقع ان الشعب التونسي اليوم يعرف النوايا والخفايا لان زمن الانتهازية ولى وانتهى».
«البرويطة»... ليست للبيع
«برويطة» محمد البوعزيزي أصبحت اليوم هي الاخرى رمزا لثورة الكرامة وبعد ان تسابقت كاميراهات القنوات التلفزية لتصويرها وهي حزينة على رحيل صاحبها الذي كانت رفيقته طوال سنوات المعاناة والقهر والظلم وتناقلتها مختلف المواقع الالكترونية بات اقتناؤها مطمح الكثير من الأثرياء الخليجيين وبعد ان عرض احدهم على عائلة البوعزيزي مبلغ 20 الف دينار أكدت لنا شقيقته ليلى ان شخصية رفعت هذا المبلغ ليصل الى 150 الف دينار ...نعم 150 الف دينارلا لشيء الا ليضعها هذا الثري في متحف يتضمن بعض الاشياء النادرة وهو ما يثبت ان بعض اثرياء العرب يستمتعون بمصائب وعذاب الآخرين ...لكن ورغم كثرة الاغراءات فقد اكدت لنا والدته منوبية البوعزيزي انها لن تفرط في هذه «البرويطة» ولو بالمليارات وانما كل غايتها ان توضع بمتحف أو بساحة محمد البوعزيزي بسيدي بوزيد لتظل رمزا شاهدا على الشرارة الاولى لثورة الكرامة مع تعاقب الاجيال وواصلت حديثها قائلة «الله يرحمو وليدي طول حياتو يخدم علينا بكرامة ومات يدافع على الكرامة ورضينا آمس بالخبز والماء خلي ياغدوة باش تولي تونس بخير».. انها عبارات مؤثرة تثبت ان هذه الثورة انطلقت نظيفة «عفيفة» على حد قول والدته ولابد من المحافظة على هذا المكسب لنجني ثمارالتضحيات .
زيارات من أوروبا
كشفت لنا والدة محمد البوعزيزي انها تلقت مئات المكالمات الهاتفية من تونسيين وعرب بعضها من اليمن والامارات وقطر ومختلف البلدان الخليجية لمواساتها من جهة والافتخار بابنها الشهيد .كما اشارت الى ان بعض الاجانب قصدوها من دول أوروبية لقيمة الانجاز الذي حققه فلذة كبدها .ولم تخف شقيقته ليلى ان عديد الصحفيين الذين زاروها من مختلف القنوات والوكالات قدموا لعائلتها مساعدات مادية لا تتعدى أكثرها 50 دينارا.
شريط وثائقي
أكدت لنا عائلة البوعزيزي ان قناة الجزيرة الوثائقية شرعت في انجاز شريط وثائقي عن الشهيد مدته 45 دقيقة يتضمن لمحة من معاناته مرورا بانطلاق شرارة الاحداث ووفاته وصولا الى سقوط نظام الطاغية المخلوع وفك القيود وهبوب نسمات الحرية على هذا البلد بفضل تضحيات الشعب الأبي.