هل دافعت المنظمات المهنية عن منخرطيها أم أن النظام البائد استولى عليها وحركها حسب أهدافه ومطامعه؟... هل أخذت هذه المنظمات منحى سياسيا أم أن جمعية القضاة وعمادة المحامين وجمعية المحامين الشبان واتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة والتجارة وعمادة المهندسين وغيرها.. ناضلت من أجل مصالح وقضايا المنخرطين؟ الأسئلة تتعدد وتتنّوع لكن الملاحظ أن النظام السابق حاول احتواء جل هذه المنظمات إن لم نقل كلها حتى يحوّلها (رغم أنف الجميع) إلى أداة لخدمته.. البداية كانت باتحاد الفلاحين الذي أعلن قياديوه على خلفية الأحداث الأخيرة أن الاتحاد عاد الى مهمته الأصلية حيث أصبح منظمة نقابية خالصة لم يعد لها أي بعد سياسي.. وأشار مصدر من اتحاد الفلاحين إلى أن منظمته عانت كباقي التنظيمات التي اخترقها التجمع الدستوري والذي فرض قيودا على تمويلها من قبل رئاسة الجمهورية. دور استراتيجي وأفاد ذات المصدر أن النظام البائد قضى على كل محاولات التمويل الذاتي لمنظمة الفلاحين حيث اقترحت اقتطاع نسبة 0,5 بالمائة من مبيعات سوق الجملة لتمويل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وضمان قنوات رسمية للتمويل باعتبار أن للمنظمة دورا استراتيجيا وهو التزويد وبالتالي يمكن أن تصبح تحت الضغط.. وأبرز ذات المصدر أن الاتحاد (بأياد من النظام) فشل في طرح المديونية. فمنذ انطلقت مؤسسات التمويل في منح قروض للفلاحين سدّد الفلاحون ما يفوق مرّة ونصف ما اقترضوه علما أن حجم المديونية حاليا يفوق 900 مليون دينار.. وأفاد ذات المصدر أن الفلاحين يطالبون بشطب كلّي للديون باعتبار أن مديونيتهم قضية مغلوطة لأن جهد الاستخلاص اقتصر على تسديد الفوائض إذ بلغ الأمر بالمؤسسات المقرضة اقتطاع 70 بالمائة من مبالغ مبيعات الفلاحين لديوان الحبوب. تعميق المديونية وأشار ذات المصدر إلى أن ما يسمى بجدولة الديون الفلاحية قد كبل الفلاح وعمق في مديونيته رغم أنه في كل بلدان العالم يسند القرض الفلاحي بفوائض بنكية بسيطة نظرا لكثرة مخاطر القطاع. أما في تونس فالعكس هو الحاصل، فكلما ارتفعت دائرة المخاطر زادت الفوائض، والأدلة عديدة والحالات المسجلة في قطاع الزراعات الكبرى والخضروات وتربية الدواجن وزيت الزيتون عديدة. المحاماة تضررت أيضا بالنسبة الى المحامين وخاصّة جمعية المحامين الشبان بين الأستاذ هشام الذيب أن الرئيس المخلوع كان ضد المحامين الصادقين حتى إنه رفض وماطل تنقيح القانون عدد 87 لسنة 1989 رغم أنه لم يعد يستجيب لواقع المحاماة وأغرق الرئيس الهارب القطاع وقرب منه بعض المحامين المحسوبين على التجمع ووزع على عدد منهم مناصب ببعض المؤسسات وآخرين في مجلس النواب وولاة وسفراء وتم تمكين آخرين من ملفات الشركات الحكومية وأما جمعية المحامين الشبان فإنه يتم الاستحواذ عليها دائما من قبل التجمعيين. «ودادية القضاة» ليس بعيدا عن المجال القضائي تعرّضت جمعية القضاة الى عديد الضغوطات حيث بين القاضي عدنان الهاني أنها كانت جمعية اجتماعية ومهنية وقانونها الأساسي لا يسمح لها بأن تتجاوز دور ودادية.. وبين أن مطلب اليوم هو تحويلها لنقابة حتى يصبح للقضاة حق الإضراب.. وبين القاضي عدنان الهاني أيضا أن الجمعية ليس لها دور ضمان الحريات واختيار مسار القضاء التونسي بل هذا دور المجلس الأعلى للقضاء الذي افتك منه الرئىس المخلوع كل الصلاحيات وبين أن الخطأ بمكان الاعتقاد بأن القضاء مستقل فحتى هذا المبدإ غير موجود في الدستور الذي لا يتحدث عن سلطة قضائية فالنيابة العمومية تحت سلطة وزير العدل كما أن المجلس الأعلى للقضاء غير منتخب ونصفه معين بصفته. وأكد محدثنا على ضرورة التنصيص بصورة صريحة على استقلالية القضاء وإصدار ميثاق أخلاقيات القاضي مبينا أنه غير المعقول أن تبقى ميزانية وزارة العدل في حدود 0,7 بالمائة من ميزانية الدولة ولا يمكن أيضا أن ينظر 1800 قاض فقط في ثلاثة ملايين و400 ألف قضية. الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية دافع بدوره عن منظوريه في عديد الملفات كما تدخل في عدّة قوانين تهم الاستثمار ورجال الأعمال ولكنه لم يسلم من تهميش النظام البائد للمنظمات المهنية التي استجابت كلها (تحت الضغط) لخدمة النظام السابق. عبد الوهاب الحاج علي