تتعاقب التحركات الشعبية في تونس ومصر ما بعد الثورة وفي عدد من الدول العربية التي يتطلع شبابها وشعوبها إلى تغيير سياسي واجتماعي اقتصادي حقيقي وشامل. وقد صعّد الشارع في عدد من الدول الشقيقة بينها ليبيا واليمن والبحرين والمغرب والجزائر إسوة بتونس ومصر، سقف مطالبه السياسية من مجرد مناشدة الحكومات بإجراء بعض الإصلاحات إلى إسقاط الرموز الأولى للأنظمة الحاكمة وخاصة منها تلك الموّرطة في الفساد المالي والسياسي. ولئن كانت الثورات الشعبية في جل الدول العربية تفتقر إلى قيادة موحدة ذات بدائل إقتصادية وبرامج سياسية واحدة، فإن من بين ما يجمع بينها التمسك بإرساء نظم جديدة تقطع مع كل سيناريوهات الفساد المالي والأمني والسياسي التي تورّطت فيها جل الحكومات والأنظمة العربية خلال العقود الماضية. إن إحداث ملايين مواطن الشغل والرزق الجديدة للعاطلين عن العمل وتشجيع رجال الأعمال على استثمار أموالهم في الدول العربية يستوجب قيام أنظمة تحترم قاعدة الشفافية، وتقطع مع الرشاوى و«العمولات» والمحسوبية واحتكار بعض العائلات للثروة ومؤسسات الحكم. وإذا كان القضاء ولجان التحقيق قد بدآ في تونس مسار فتح ملفات الفساد المالي والسياسي في المرحلة الماضية، فإن الأهم ضمان شفافية اللعبة السياسية الجديدة والسماح لوسائل الاعلام وللقضاء بتسليط الأضواء على مظاهر عديدة من الفساد المالي والسياسي الحالي والذي سيؤثر في مستقبل البلاد والشعب.