كمال بن يونس لا يزال الوضع الامني والسياسي والاقتصادي متقلبا في الشقيقة ليبيا وفي الدول العربية التي تشهد منذ أشهرثورات وتحركات شعبية من أجل الاصلاح والتغيير والقضاء على الفساد والرشوة.. ولا شك ان تحقيق التغييرات والاصلاحات المنشودة يتطلب سنوات من الجهد بحكم الصبغة الهيكيلة لشبكات الفساد المالي والسياسي الموروثة وتداخل الاوراق المحلية والاقليمية والدولية بسرعة منذ نجاح ثورتي تونس ومصر في تحقيق خطوة الاطاحة برأس النظام وبعض رموزه. لكن من بين ما يثير نقاط استفهام بالجملة في صفوف المراقبين المستقلين النزهاء سياسة المكيالين التي سجلت لدى بعض صناع القرارالوطني والدولي -وخاصة في واشنطنوالعواصم الاوربية- من حق الشعوب في الديمقراطية والاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الشاملين. في تلك العواصم ترحيب بالثورة في تونس ومصر وليبيا، وتعاطف مشروط مع ثورتي اليمن وسوريا مقابل تحفظ على كل سيناريوهات الاصلاح في الدول النفطية وخاصة منها الخليجية. وقد استغرب كل انصار الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم تبريرساسة أمريكيين وغرييين بارزين قمع الثورة الشعبية السلمية في البحرين والصمت على استفحال الرشوة والاستبداد في دول عربية نفطية عديدة (من بينها ليبيا خلال العقود الماضية). وهنا يطرح تساؤل كبيروواضح: هل سينتصر دعاة مكافحة الرشوة والفساد والاستبداد عالميا في الضغط على صناع القرار في واشنطن وحلفائها كي يضغطوا على سلطات الدول العربية الغنية حتى تقبل بحق الشعوب في تغيير حكامها وإن كان الثمن اعادة النظر في صفقات بآلاف المليارات من الاسلحة والطائرات والبضائع المتفرقة التي ليس لها مبرر اقتصادي وأمني وطني بل كان الدافع اليها رشاوى و"عمولات" وصفقات مشبوهة خدمة لمصالح عشرات الشركات المتعددة الجنسيات والمؤسسات الأجنبية العملاقة؟ مرة أخرى تتأكد الحاجة إلى مبادرات وطنية وعربية للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي حتى لا تتراكم الاخطاء والغلطات أكثر، وحتى لا يبقى الوطن العربي ضحية سياسة المكيالين التي سبق أن أرقت السياسة الخارجية العرب طوال العقود الماضية بسبب ثنائية المواقف الامريكية فيما يتعلق بقضايا السلام والحرب بين العرب وسلطات الاحتلال الاسرائيلي وخاصة عندما تفتح ملفات الدولة الفلسطينة المستقلة وعاصمتها القدس وحق ملايين اللاجئين الفسلطينيين في العودة إلى أراضيهم وديارهم.