من المؤسسات الثقافية الهامة في بلادنا والتي يجب ان تضطلع بدور ريادي في التأسيس لفعل ابداعي ناضج ومؤسس على الوعي وتمثل الواقع عقلانيا بعيدا عن الذاتية والشخصية المسرح الوطني هذا الهيكل الذي كان لسنوات طويلة محل تساؤلات عديدة ومواقف متنوعة التقت كلها حول نقطة مفصلية تتمثّل في كونه بدا باهت الحضور غير قادر على مواكبة ما عاشته تونس من نهضة مسرحية في مستوى الاطروحات والاشكال وتجسّم ذلك من خلال الفرق الخاصة التي تضاعف عددها وأضطلعت في أحيان عدة بمهمات استشرافية. نشاط وديناميكية المسرح الوطني وما أدراك ما هذه التسمية، توجهنا اليه وحاولنا أن نلامس واقعه في التوّ والآن بعد ثورة 14 جانفي. هذا الاطار يواصل نشاطه هذه الايام ولم نلاحظ هناك أي نوع من الفوضى أو التسيب. لم يتوقف موظفوه عن آداء أدوارهم شعورا منهم بالمسؤولية، الحركة دائبة، التسيير المالي وهو قوام الاعمال اضطلع به محمد بالحاج . أما الادارة العامة فلئن عرف هذا المنصب شغورا إلا أننا لاحظنا حماسا لاتمام الاعمال التي وقع منذ مدة الانطلاق في الاعداد لها، فمريم البوسالمي مثلا منكبّة على وضع اللمسات الاخيرة على مسرحيتها الجديدة «الازهايمر» فالتمارين حثيثة وتكاد تكون يومية وينتظر أن يرى هذا الانتاج النور في المدة القليلة القادمة. كما أن شبان المدرسة الوطنية لفنون السيرك وحسب ما ذكره لنا بعضهم فقد قدموا عروضا في مدار قرطاج وقد تلقوا دعوات من نيويورك وبلجيكا للحضور هناك وهم يعدون العدّة لذلك. وما دمنا نتحدث عن فن السيرك في صلب المسرح الوطني فقد واكبنا انكباب هذا الشباب المتحفّز على اعداد تصور لعمل جديد محوره الثورة يشرف عليه معز العاشوري. وقد حاورنا بعض الاداريين الذين واكبوا المسرح الوطني منذ انبعاثه فقالوا لنا إن المدة الاخيرة قد عرفت عودة بعض الوجوه التي غابت طويلا عن هذه المؤسسة على غرار عبد الحميد ڤيّاس. دعم الفعل المسرحي اشكال آخر كبير يطرح من خلال المسرح الوطني ويتعلق بكون العديد من الفرق كانت تتصور أن فضاء الفن الرابع الواقع بشارع باريس في العاصمة هو على ملك هذا الهيكل ولكن تبيّن لنا أنه موضوع على وجه الكراء بمبلغ سبعة آلاف دينار أما المسوّغ فهو الشركة العقارية للبلاد التونسية والتي تشرف على التصرف في أملاك الاجانب. وعن سؤالنا عن بعض التجاوزات التي يمكن أن تكون حصلت في المسرح الوطني فقد أشار العديدون الى أن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث قد وجهت ما بين 2009 و2010 هيئة رقابة وتفقّد أمضت هناك فترة طويلة ونبشت في عديد الملفات والاوراق ورفعت تقريرا الى الوزير خلا من أي هنة أو نقيصة. هذا بعض ما استقيناه من قلعة الحلفاوين في قلب المدينة العتيقة وكل ما نتمناه أن يشهد هذا الحصن الثقافي الكبير نقلة نوعية هامة تدعم الفعل المسرحي في تونس.