آسيا العتروس تدخلوا لانقاذ الشعب الليبي... لا تتدخلوا فتسرقوا منه ثورته... خياران احلاهما مر ولكن النتيجة ستكون واحدة في حال استمر الموقف على حاله من الغموض وغياب رؤية واضحة تجنب الشعب الليبي تكرار مأساة الشعب البوسني مع ملاديتش وميلوزيفيتش وكرادجيتش في تسعينات القرن الماضي. واذا ما تمكن القذافي من الخروج باخف الاضرار له ولافراد عائلته وحاشيته فان ذلك يعني في لغة العقيد الذي لم يتردد حتى الان في اللجوء الى ابشع الوسائل القمعية ان يعمد الى الخطوة التالية والتضحية باعداد كبيرة من المدنيين الليبيين من اجل الحفاظ على عرشه بل وربما يعمد الى الدفع بمرتزقته الى تجاوز كل الخطوط الحمراء بما يمكن ان يصل حد الانتقام من دول مجاورة سجلت نجاح الثورة الشعبية في الاطاحة بالدكتاتورية المعادية لحرية الشعوب. والارجح ان القذافي سيراهن في ذلك على ما يمتلكه من سلاح حربي مدمر لا يمكن مقارنته باي حال من الاحوال بما يتوفر للثوارالليبيين من اسلحة خفيفة خاصة عندما يحول المعركة الى حرب جوية ويتخذ من المدنيين دروعا بشرية لتنفيذ هجماته في سيناريو مماثل لما حدث في يوغسلافيا السابقة او لما حدث ايضا في العدوان الاسرائيلي على لبنان وغزة او القطاع وتوخي سياسة حرق الاخضر واليابس. والواقع ان ما يمكن ان يدفع الى توقع الاسوإ ينبع من قناعة راسخة بان من يلغي انسانية شعبه ويصر على سلبه كرامته ولا يتردد في نعته تارة بانه عصابة من الارهابيين واخرى بانه لا يختلف عن الجرذان والصرارير لن يتردد لحظة في سحقه كما تسحق الحشرات، وهو الذي يدرك في قرارة نفسه بأن هذا الشعب الليبي أرفع وأنبل وأسمى مما يدعيه... واكثر من ذلك فان القذافي سيراهن على تردد الغرب ومعه المجتمع الدولي في اتخاذ أي قرار بالمغامرة والتدخل عسكريا لوقف ما يحدث في ليبيا.وقد بدا القذافي محاولاته استمالة الغرب ودفعه للاختيار بين استمراره في السلطة وبين صعود القاعدة وجيوش المهاجرين الافارقة الى اوروبا. وفي انتظار ان يتضح المشهد تتواصل المجزرة المفتوحة، ومع كل ساعة تمضي يزداد الوضع في ليبيا قتامة في ظل اصرار الآلة العسكرية للعقيد القذافي وميليشيات ابنائه الخمسة على قمع ثورة الشعب الليبي والانتقام منه كابشع ما يكون الانتقام بعد ان اعلن رفضه الاستعباد والقبول بمصادرة حقه في العيش على ارض اجداده بحرية وكرامة. انها معادلة صعبة بالتاكيد بين موقفين قد لا يخلو كل منهما من تبريرات غارقة في الانانية تعكس مواقف اصحابها مما يحدث في ليبيا من صراع ظاهر من اجل السلطة واخر خفي من اجل التحكم في ما تزخر به البلاد من طاقات وثروات نفطية مغرية بالنسبة للغرب ولكنها توفر للعقيد الليبي في المقابل ما يكفي لشحن ارصدته في البنوك الاجنبية والاستئثار بصفقات السلاح لسحق كل تحرك شعبي للتغيير والقطع مع سياسة الاستبداد والظلم. بالامس رفض المجلس الوطني للثوار في ليبيا عرضا من العقيد لعقد مؤتمر شعبي يعلن خلاله تنحيه بشروط وقد كان المجلس محقا في قراره والدعوة لا تخلو من الغام كثيرة ولا يمكن ان تخفي محاولة بائسة للعقيد لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان وضمان مخرج له من الوضع الذي تدحرج اليه بعد ان صم اذنيه عن مطالب الشعب الليبي ودعوات المجتمع الدولي بالرحيل قبل فوات الاوان لان الشعب الليبي سيردد حينها قول الشاعر الذي كان يردد فيما سفيان ابن معاوية يقطع اوصاله «اذا ما مات مثلي مات بموته خلق كبير وانت تموت وحدك ليس يدري بموتك لا الصغير ولا الكبير»...