في إطار المدّ التضامني الذي تعيشه تونس منذ ثورة 14 جانفي 2011 وعلى غرار القوافل التي جابت وما تزال أعماق الوطن العزيز توجهت مؤخرا قافلة " الرحمة " من مدينة أكودة ولاية سوسة إلى منطقة الطويبية من ولاية سليانة محمّلة بجرعة كافية من حماس شباب تونس الأحرار وروح المبادرة وتضامن مواطني أكودة مع إخوانهم وأبنائهم داخل مناطق الجمهورية. شهدت القافلة قبل مغادرتها بأسابيع صدى طيبا وتسابقا بين المواطنين على صفحات الموقع الإجتماعي " الفايس بوك " للمساهمة في مزيد التعريف بها والحث على المشاركة الفعالة فيها فأقبل المواطنون كبارا وصغارا ، شيبا وشبابا في طوابير من مدينة أكودة و من مدن مجاورة كالقلعة الصغرى وحمام سوسة وساهموا كل من موقعه بما توفر لديه من مواد غذائية وأغطية صوفية و أسرّة وكراسي وطاولات ولعب للأطفال و أحذية...ثمّ توجهت قرابة مجموعة كبيرة تضم سيارات وشاحنات وحافلة محمّلة بكل المستلزمات والحاجيات التي تمّ جمعها رفقة أكثر من مائة شخص إلى جهة الطويبية.. هناك سرعان ما تغيرت ملامح الوجوه واختلطت الإبتسامة بالدموع لهول الظروف القاسية التي وجدوا عليها متساكني "الطويبية" ..." لا والي ..ولا تالي..ولا صدر حنين.. !!! " هكذا صرّح مواطنون يعيشون الحرمان ، الجوع ، العراء ..العطش.. يشربون من الغدران، يأكلون ما تيسر ... يلبسون قطعا بالية من الأدباش إن وجدت ..يتوسدون الحجارة ليناموا!! يضيئون لياليهم بالظلام ، يتقاسمون الهواء مع الأغنام و الماعز في مكان واحد ... هذه مشطرة من ظروف تعيشها قرابة الثلاثين عائلة التي قصدها سفراء قافلة الرحمة ولكن عائلة المواطن حكيم بن عبد السلام التي اعترضتها القافلة كانت الأتعس وأدمت قلوب من زارها فهي تتكوّن من أب معاق وأمّ شاهدة على عصرها و ابنين الأوّل يدرس بالسنة الثالثة أساسي ومتحصّل على شهائد امتياز وضعتها أمه داخل رفوف ثلاجة بالية ... مع العلم أن هذا الطفل يستيقظ على الساعة الخامسة فجرا ليغادر في حدود السادسة صباحا المنزل نحو المدرسة مشيا على الأقدام قاطعا الكيلومترات للوصول وعندما تمطر لا يمكنه الذهاب خوفا من أن تجرفه مياه الأودية التي يمرّ بها .. والأدهى والمثير للدهشة أن هذا التلميذ النجيب والبائس في وضعه الاجتماعي يطرد من القسم حين لا يدفع نقودا لفائدة صندوق 26 - 26!!!! أمّا الابن الثاني فمازال يفتش عن بعض الدفء بين أحضان أمّه. ونظرا للمأساة التي تعيشها هذه العائلة فقد تبرع لها كل فرد من أفراد القافلة بمبلغ مالي محترم بغية تشييد بيت صغير يأويها ضراوة الشتاء ، كما تعهّد شباب أكودة ومواطنيها بالعودة مرة ثانية إلى نفس المنطقة لمواصلة تقديم المساعدات لعائلاتها حتى تتحسن ظروف عيشهم.