على غير العادة، بثت التلفزة التونسية مساء السبت الماضي أطوار دخول وخروج المتهمين الثلاثة عبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب عبد الله وعبد الله القلال إلى المحكمة للمثول أمام حاكم التحقيق. وان اعتبر البعض هذه العملية بادرة طيبة تؤكد الانفتاح الإعلامي الذي طالما تمت المطالبة به، فان البعض الآخر اعتبر العملية مخالفة للقوانين والأعراف خاصة أن الصور التي بثت رافقتها صيحات الثأر والتشفي. وحول هذا الموضوع يؤكد الأستاذ عبد المجيد العبدلي المحامي لدى محكمة التعقيب والأستاذ الجامعي أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" وبالتالي لا يجوز تصويره من قبل وسائل الإعلام قبل صدور الحكم الذي يدينه ولا يجوز حتى التطرق إلى شخصيته بالاسم. وأضاف أن هذا الإجراء لا يدخل في إطار التعتيم على الإعلام بل حماية للسير العادل للقضية بعدم التأثير على القاضي والباحث.وهو في نفس الوقت ضمانا للمتهم واستقلالا للقضاء.. وأوضح أن المحاكمات حتى في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية الأصل فيها هو منع تصوير المتهمين خلال المحاكمة كما انه يكون من الممنوع أيضا نقل وقائع الجلسات.وهذا لا يتنافى مع مبدأ العلنية التي تعني السماح للعامة بحضور جلسات المحكمة لا تصويرها.. ويكون الاكتفاء بحضور الصحفيين مع العامة لمتابعة ما يدور بالجلسات. كما أن المواثيق الدولية تنص على المحاكمة العادلة وانه من حق المتهم الدفاع عن نفسه وعدم إلحاق الأذى به أثناء محاكمته من خلال تصوير وبث صور في الفضائيات وتصويره بأوصاف لا تتفق مع القانون. مما يلحق الأذى به وبأسرته رغم أن الحكم قد يصدر لاحقا ببراءته. وما حصل مع ثلاثتهم يمكن ان يحصل مع أي متهم آخر وهذا غير مقبول وغير قانوني ومن شانه ان يمس من استقلالية القضاء ولا يمكن اعتباره تحريرا للإعلام الذي طالما عانى من التعتيم الذي كان احد المتهمين الثلاثة من ابرز صانعيه. ويذكر أن مجلس القضاء الأعلى المصري مثلا اتخذ مؤخرا وعلى هامش محاكمة بعض رموز نظام حسني مبارك قرارا بعدم بث أو نقل أو تسجيل او تصوير وقائع المحاكمات بواسطة اية وسيلة للإعلام وعدم الخوض أو التعليق في الدعاوى المنظورة أو التعليق على مجرياتها. وهو ما باركه رؤساء المحاكم المصرية مؤكدين أن القرار يصب في مصلحة القضاء ومصلحة المتهم والمتقاضين وسير العدالة بوجه عام مؤكدين أن القرار سيصيب المحامين من هواة الظهور الإعلامي بصدمة..