فاق عدد الأحزاب السياسية في تونس ال70 حزبا، بين الناشطة قبل اندلاع الثورة، والمتأسسة بعدها، بين اليمينية والوسطية واليسارية..مما خلق ما يمكن تسميته ب"الفائض الحزبي " في المشهد السياسي الوطني. وان كانت الثورة التونسية منعرجا تاريخيا انعكس على المشهد السياسي الوطني العام سانحة للجميع المجال للبروز والعمل. وان كان التنوع وحرية التنظم أحد شعارات الثورة وأحد مقومات المجتمعات الديمقراطية، غير أن ظاهرة جديدة برزت في هذا المشهد السياسي إلا وهي "الاستنساخ الحزبي"، رغم أن قانون الأحزاب القائم حاليا يمنع هذا في فصله السادس الذي ينص حرفيا أنه "لا يتكون حزب سياسي ألا إذا كان في مبادئه واختياراته وبرامج عمله ما يختلف عن مبادئ واختيارات وبرامج عمل أي حزب من الأحزاب المعترف بها قانونيا". ورغم أن العرف والتقاليد السياسية المعروفة ترفض هذا أيضا. ويظهر هذا الاستنساخ في التشابه الذي يكاد يكون كليا في أسماء عدد من الأحزاب مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، و حركة البعث وتيارالبعث وأيضا حزب العدل و التنمية وحزب الحرية والتنمية وحزب الحرية من أجل العدالة والتنمية إضافة إلى حزب العدالة والمساواة وحزب الكرامة والمساواة.. وأيضا من خلال المرجعيات الفكرية والاستلهام من نفس المرجعي ونذكر هنا دون حصر مثال الوطنيون الديمقراطيون وحركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمل الوطني الديمقراطي. السبق التاريخي وفي هذا السياق أكد محمد القوماني المتكلم الرسمي باسم حزب الإصلاح والتنمية، أن الأصل هو التنوع وحرية التنظم .واعتبر أن المشهد السياسي مازال ينتظر أن يتعارف مختلف التشكيلات الحزبية على بعضها البعض. مشددا على السبق التاريخي لبعض الأحزاب في تسمياتها، وحذر من مغبة أن يتم تعويض الديكور الذي كان يعتمده النظام السابق للتعبير عن التعددية، بمشهد آخر متعدد ولا يعكس التعددية الموجودة في المجتمع وليس لها أي ثقل في الجهات.ويذهب البعض إلى أن عددا من هذه الأحزاب لا يمكنها أن تأتي بعريضة تأييد تشمل ألف إمضاء، خاصة أنها لا تملك أي امتداد لا قطاعي ولا جهوي. واعتبر مراد الرويسي القيادي بالحركة الوطنية للعدالة والتنمية أن لحزبه السبق التاريخي في التسمية، وقال" تقدمنا بملف طلب التأشيرة منذ 2 فيفري السابق وقد سبقنا الجميع في ذلك" وأضاف نحن ما زلنا نشتغل على صياغة برنامج للحزب ولن نكذب على الناس بأن نروج مشروعا هو لم يكتمل بعد. ولاحظ العديد من المتابعين للمشهد السياسي وجود أحزاب عائلية وأخرى لا تعكس قيادتها تنوعا، ولوحظ أيضا تعويلها على برامج لأحزاب فرنسية وتركية وأمريكية ولاتينية.. فالاستنساخ لم يطل التسمية ولا البرامج فقط وإنما شمل أيضا استنساخا لتجارب لم تظهر من رحم الساحة الوطنية بخصوصيتها وتطورها. وان كانت التعددية هي أساس الديمقراطيات، فان التعدد قد يكون عائقا أمام تكريس تعددية حقيقية تعكس تأثيرا سياسيا وامتدادا شعبيا لأحزاب سياسية، وفرت لها ثورة شعبنا الأرضية الخصبة للعمل على الوصول إلى الشعب وتقديم برامج مختلفة لارضاءه وخدمته.