بلغ عدد الأحزاب التي تقدمت إلى حدود يوم الأربعاء 9 مارس بمطلب للحصول على تأشيرة العمل القانوني وتحصلت على وصل إيداع في الغرض حوالي 76 حزبا من جميع الاتجاهات كان آخرها حزب الغد، تحصل منها بعد 14 جانفي والى حدود يوم الأربعاء الماضي 23حزبا على التأشيرة ليصبح عدد الأحزاب المرخص لها 31 حزبا باعتبار وجود 8 أحزاب تعمل قانونيا قبل الثورة وأيضا أخذا بعين الاعتبار صدور الحكم الابتدائي القاضي بحل التجمع الدستوري الديمقراطي. وكانت الحكومة انطلقت في مشاورات، ولقاءات مع عدد من مكونات المشهد السياسي الوطني وحتى الأحزاب التي لم تتحصل إلى اليوم على تأشيرة العمل وذلك ترجمة للمطالب التي قامت عليها الثورة وأيضا استجابة لمشروع الحكومة التي قدمها رئيس الجمهورية المؤقت. ولكن العدد الكبير للأحزاب اليوم، يطرح التساؤل حول إمكانية تشريكها دون استثناء، خاصة أن أغلبها مازال ينتظر التحصل على تأشيرة للعمل القانوني، وعدد كبير منها في صدد التشكل والتأسيس إضافة إلى أن موعد انتخاب المجلس التأسيسي يقترب يوما بعد يوم. الأصل هو التشريك وأكد محمد القوماني عن حزب الإصلاح والتنمية ، أن الأصل هو في حرية التنظم ومن مطالب الثورة إتاحة المشاركة للجميع. وقال "من حق مختلف مكونات المشهد السياسي أن تشارك في إدارة العملية السياسية الانتقالية"،. وقد دعت الحكومة عددا من الأحزاب "غير المرخصة" للتشاور معها من مثل حزب العمال الشيوعي التونسي، وأيضا حزب حركة الوطنيين الديمقراطيين ورخصت وزارة الداخلية لعمل عدد من الأحزاب التي كانت محرومة العمل القانوني أو محظورة من مثل حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يقوده منصف المرزوقي. من ناحية أخرى بادر عدد من الأحزاب لتقديم مشروعها إلى الحكومة من مثل حزب المجد، الذي أكد مؤسسه عبد الوهاب الهاني أن حزبه سيقدم ورقة عمل إلى اللجنة العليا لحماية أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي، للتشاور والمشاركة في صياغة قانون لانتخاب المجلس التأسيسي. غير أن العدد الكبير للأحزاب السياسية الذي يتوقع أن يرتفع، قد يجد صعوبة كبيرة في الاتصال بالحكومة وقد لا يتم تشريكها في هذه المرحلة الانتقالية التي تعد مرحلة مشاركة للتأسيس، خاصة أن عددا منها تبلورت فكرة إنشائه بعد 14 جانفي. قانون الأحزاب وينص قانون الأحزاب الذي يجري العمل به حاليا، في فصله السادس أنه لا يمكن لأي حزب أن يتكون ألا إذا كان في مبادئه واختياراته وبرامج عمله ما يختلف عن مبادئ واختيارات وبرامج عمل أي حزب من الأحزاب المعترف بها قانونيا ويشترط الفصل السابع في مؤسس الحزب السياسي ومسيريه التمتع بالجنسية التونسية دون سواها وذلك منذ عشر سنوات على الأقل وأن لا يكون قد صدر ضدهم حكم بات من اجل جناية أو جنحة لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر سجنا نافذة أو لمدة تتجاوز ستة أشهر سجنا مؤجلة ولا ينطبق هذا الشرط في صورة استردادهم لحقوقهم. كما لا ينطبق في صورة أحكام باتة ضدهم من أجل جرائم غير قصدية .ويشترط في المنخرطين في حزب سياسي أن يكونوا حاملين للجنسية التونسية منذ خمس سنوات على الأقل . وورد في باب تأسيس الأحزاب وتحديدا في الفصل الثامن أنه لا يمكن للحزب السياسي أن يتكون ويمارس نشاطه إلا بعد الحصول على ترخيص صادر بقرار من وزير الداخلية ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. ويلاحظ أن شروط التشكل لا تتوفر في عدد من الأحزاب خاصة إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن عددا من مؤسسيها سجنوا، وأن عددا آخر له جنسيات مزدوجة. غير أن وزارة الداخلية تتعامل بمرونة، وبلين مع طلب هذه الأحزاب في الحصول على تأشيرة العمل القانوني. الجانب القانوني ومن جهته أكد الأستاذ عبد الناصر العويني ل"الصباح" أنه لا يمكن أن نصنف اليوم الأحزاب على قاعدة هذا حزب قانوني وآخر غير قانوني، فقد تم تعطيل العمل بالدستور وذلك بعد أن تم الإعلان عن تاريخ انتخاب المجلس التأسيسي وبعد انقضاء المدة التي سنح بها الفصل57 من الدستور التونسي. وأوضح أن المنظومة السارية اليوم هي المنظومة العامة، وأن الأصل في المنظومة العامة هو الإباحة وليس المنع. وعن التأشيرة من وزارة الداخلية أكد الأستاذ العويني أن الوزارة في حد ذاتها اليوم ليس لها المشروعية لتمنح أو لا تمنح تأشيرة قبل الانتقال إلى سلطة شرعية منتخبة من قبل الشعب. وقال "وقتها فقط يمكن أن نعتمد على مقاييس ومبادئ في منح تلك الرخص". وان كان هذا التعدد مبالغا فيه حسب رأي العديد من الملاحظين للمشهد السياسي الوطني، فانه ظاهرة صحية بالنسبة لآخرين معللين ذلك بأن الثورة الاسبانية التي أزاحت نظام فرانكو، تلاها مباشرة تأسيس أكثر من 280 حزبا، ولكن الفرز السياسي وطبيعة تطور المراحل السياسية عجل بزوال أغلبها ولم يبق في اسبانيا سوى عدد من الأحزاب الفاعلة التي لا يتعدى عددها عدد أصابع اليد.