ينطلق اليوم مؤتمر سلام الشرق الاوسط في الاكاديمية البحرية بأنابوليس في ولاية ميريلاند الامريكية والذي يشارك فيه ما يربو عن اربعين دولة منها ست عشرة دولة عربية. وكان الرئيس الامريكي صاحب هذه المبادرة الدولية قد اكد التزامه عشية هذا المؤتمر بحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني حيث قال في هذا الشأن «مازلت ألتزم بتطبيق نظرتي لجهة وجود دولتين ديموقراطيتين اسرائيل وفلسطين.. تعيشان بسلام جنبا الى جنب». ويبدو ان هذا الالتزام الشخصي لبوش قبل حوالي 14 شهرا من انتهاء ولايته الثانية والاخيرة قد رافقته ضغوطات امريكية هائلة على الاطراف المعنية بالعملية السلمية من اجل التنازل لتحقيق الادنى من الوفاق بشأن وثيقة مشتركة من المنتظر طرحها في المؤتمر لتكون منطلقا للمفاوضات التالية حول العديد من المسائل الجوهرية العالقة. ولئن تكثفت اللقاءات الديبلوماسية قبيل موعد المؤتمر بين اطراف امريكية واسرائيلية وفلسطينية مدعومة عربيا لاثبات رغبة العرب الجدية في السلام واختبار نوايا اسرائيل الا ان العديد من المتتبعين للنزاع العربي الاسرائيلي لا يتوقعون ان يتمخض هذا المؤتمر عن نتائج بارزة لان كلا من بوش وأولمرت وعباس يواجهون تحديات داخلية كبيرة تحول دون تمكنهم من اتخاذ قرارات في مستوى التطلعات وتنفيذها على ارض الواقع. لقد اتخذت الدول العربية قرار المشاركة في هذا المؤتمر لتأكيد ما صدر عن القمم العربية الاخيرة من التزام مبدئي بالسلام في المنطقة بعودة الارض الى اصحابها الشرعيين وبناء دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة للحياةوعاصمتها القدس وهذا ما دعا الامين العام لجامعة الدول العربية للتأكيد على ان المشاركة العربية لا تعني التطبيع مع اسرائيل. ولكن الطرف الاسرائيلي الذي سبق واشترط منذ ايام قليلة ضرورة الاعتراف الفلسطيني ب«يهودية اسرائيل» يدرك جيدا ان السلام الذي ينشده الطرف العربي مازال بعيد المنال. وفي غياب جدية هذا الطرف الاسرائيلي فان ترحيبه بالمشاركة المكثفة للعرب في هذا اللقاء الدولي يعكس وجهة النظر القائلة بأن اللقاءات الثنائية والجماعية والمصافحات خلال المؤتمر ستسوق اعلاميا للرأي العام العالمي وستوظف سياسيا لمصلحة اسرائيل التي «تسعى للسلام» بكل الوسائل المتاحة. وبين وجهة النظر الاسرائيلية هذه والثوابت الفلسطينية الملزمة للقيادة وللشعب الفلسطينيين تتعمق الهوة بين طرفي نزاع تجاوز عقده السادس.