لا شك فيه أن الصدمة كانت عنيفة جدا في السنة الماضية بل قاسية إلى أبعد الحدود والآلاف المؤلفة الذين تكبدوا مشاق التحول إلى رادس ونفقاته تتجاوز طاقة البعض ترى الكأس يخطف منها قسرا في اللحظات القاتلة والذي لا شك فيه أن أحباء النادي الصفاقسي ذاقوا الأمرين وتتالت الخيبات الداخلية بانقياد فريقهم المفضل إلى هزيمتين غير متوقعتين أمام النجم الساحلي والنادي البنزرتي وقد كانت كل هذه العوامل وغيرها من المعطيات الكافية بسيطرة الدور النهائي على العقول والاذهان لدى مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية بعاصمة الجنوب وبكل المناطق التي يكثر فيها أنصاره وزاد الطين بلة عجز الكثيرين عن التفاعل مع الحدث الغالي الذي ينتظرونه بفارغ الصبر عن قرب بسبب ارتفاع تذاكر الدخول إلى الملعب يؤمنذ فكانت كل هذه العناصر كافية بحصول الانفجار الذي لم يسبق له مثيل فعاش الحاضرون بالملعب والذين التحقوا بالشوارع أو انتصبوا بالساحات والفضاءات الفسيحة وخاصة أمام قصر البلدية ليلة من ألف ليلة وليلة فغنوا ورقصوا وتعالت الاهازيج والشماريخ حتى حدود منتصف الليل بشكل مكثف لينخفض العدد تدريجيا إلى ساعة متأخرة من الفجر وإذا كان هذا عاديا وطبيعيا وادخل البهجة والسرور على الجميع لأن المدينة عاشت يوما من أيامها الخوالي فإن ما يحز في النفس حقا هو تجاوز الحالات التعبيرية والانفعالية حدود المعقول فتحولت إلى هيستريا لدى البعض من الشباب المتهور وتصرف كل على هواه فهناك من طلا وجه بالساحل الابيض والاسود وهناك من تقمص شخصية غريبة وهناك من نزع ملابسه العليا في طقس بارد وهناك من تسلق شاحنة لينضم إلى عشرات فوقها ويلقي بنفسه على سيارة قريبة فيهشمها ويلحق أضرارا مادية بمواطن خرج ليحتفل بالحدث السعيد. والكارثة الكبرى ان ادت هذه الشطحات إلى الموت على غرار ما جد بطريق المهدية كلم 4 في مركز العين عندما داست سيارة من نوع قولف شابين في مقتبل العمر على دراجة نارية أدت إلى وفاة أحدهما وهو عامل من مواليد 1982 في حين تم نقل مرافقه على جناح السرعة إلى المستشفى الجامعي للخضوع إلى العملية الجراحية وتلقي الاسعافات اللازمة والاكيد أن الاضرار المادية كانت مرتفعة بسبب شطحات فئة قليلة من الشباب غير الواعي وغير المتشبع بالمثل والقيم والذي يندس في مثل هذه المناسبات ليفجر الكبت بداخله دون المبالاة في العواقب الوخيمة المنجرة عن صنيعه.